الإعلام بين الحقائق والأوهام

الإعلام كما يدرسه طلاب الإعلام في كلياته شيء، وما يمارس في المؤسسات الصحفية عبر العالم شيء آخر، ما نعرفه عن الإعلام من أنه من وسائل المعرفة ونقل المعلومات، وأنه من وسائل الرقابة، وخدمة الشعوب شيء وما يمارسه كثير من صحفيي العالم خاصة في الغرب شيء آخر، فكم من قضايا في الغرب شن فيها الإعلام على مؤسسات اقتصادية هجومًا حتى دمرها، بخطة أعدت لذلك عبر منافسة غير شرعية من مؤسسات أخرى، وفي الانتخابات كم دمر مخلص لوطنه بحشد الصحف ضده قبل أن يبدأ زمن الصمت الانتخابي، حتى يسقط ويفوز عليه من لا إخلاص له والقضايا في الإعلام الغربي تتنوع حتى لا تجد من بينها إعلامًا حقيقيًا إلا قليلًا، وكم أقنع الإعلام الأمريكي الشعب الأمريكي بقضايا هي في الواقع ضده، حتى في معيشته، ونحن لا نعيش في معزل عن العالم نتأثر به، وهو للأسف لا يتأثر بنا إما لأننا لا نحسن التأثير فيه، وإما لأننا لا نمتلك من الأدوات ما يجعلنا أندادًا له في هذا المجال، ولكن الضرر يتسرب إلينا منه تدريجيًا فيصبح لبعض إعلامنا العربي غايات وأهداف ضارة بمجتمعاتنا إلى أبعد الحدود، وكم رأينا في الصحافة العربية أوهامًا تتداول على صفحاته على أنها حقائق عندنا، ولعل الهجمة المستمرة على ديننا منذ عهد بعيد، والتي اشتركت فيها مؤسسات علمية وفكرية وصحف لتشويه الإسلام وتشويهنا معه كبشر، تكاد اليوم تؤتي ثمارها، فتصدق الأمم الأخرى أننا كذلك، فها هو العالم اليوم يكاد أن يصنفنا جميعًا إرهابيين فيمتد هذا إلى كل دول العالم، وأنظر إلى دولنا التي أصبحت وللأسف تعتمد في دخلها على السياحة وحدها تعاني الأمرين من هذا التصنيف، يضاف إليه ما ينشره الإعلام الغربي عنا لا كحكومات فقط، بل وكشعوب يجد لها من النقائص في أوهامه ما يصورها ضد الحضارة الإنسانية وضد التقدم، ولعل حدث الطائرة المصرية التي اختطفت يوم الثلاثاء 29/3/2016م يبين هذا، وكيف استطاع الإعلام الغربي منذ اللحظات الأولى أن يجعل من الخبر أخبارًا موهومة عن المطارات المصرية وما يعتريها بزعمه من نواقص أمنية، ولم تمضِ ساعات حتى كشف أن الاختطاف لا علاقة له بالإرهاب، ولا بنقص في الاستعدادات المصرية الأمنية، وإنما بشخص يعاني من اضطرابات نفسية من أجل هجر زوجته له، إن ما ينشره الإعلام الغربي عنا عربًا ومسلمين إذا لم نحسن مواجهته، فإنه سيدمر علاقاتنا بباقي دول العالم، فما تنشره مثلًا الصحف الأمريكية عن بلادنا بما فيه من مغالطات كثيرة، يجعلنا في موقف لا نحسد عليه في نظر كثير من دول العالم، ولهذا فلابد لنا من خطة إعلامية وطنية تواجه هذا العدوان علينا كشعب وحكومة إعلاميًا، وفق دراسة علمية نستطيع بها أن يكون لنا إعلام باللغة الإنجليزية متميز وقادر على أن يرد على كل أوهام الغرب وعن سائر العرب والمسلمين، لأن الأمر لم يعد مما يصبر عليه، وضرره يلاحقنا، وها هم مبتعثونا في الغرب خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية يعانون من اتهامات لهم مستمرة تبنى على الصورة النمطية التي رسمها لنا الإعلام الأمريكي، لعل إخواننا ممن نالوا الماجستير والدكتوراة في الغرب يكونون النواة الأولى لمشروع إعلامي سعودي باللغة الإنجليزية يدافع عنا وطنًا ومواطنين وحكومة، فمن غير المعقول أن يستمر هذا الوضع ونحن لا نستطيع أن نرسم لنا طريقًا للخروج من هذا المأزق الذي يريد الغرب أن يحشرنا فيه، وأن نستطيع أن نثبت للعالم كله أن الإرهاب لا جنسية له ولا دين فعلًا، وأننا أكثر المتضررين منه، وأن الإنفاق عليه وتدريب أفراده في أماكن بعيدة عن أوطاننا، حتى نغير النظرة إلينا في كل دول العالم، وهو ما نرجو أن يكون، والله ولي التوفيق.

عن عبدالله فراج الشريف

تربوي سابق وكاتب متخصص في العلوم الشرعية كلمة الحق غايتي والاصلاح أمنيتي.

شاهد أيضاً

صورة مقالات صحيفة المدينة | موقع الشريف عبدالله فراج

إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس

الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: