الإسلام دعوة للحياة لا للموت

أشدُّ ما أضرَّ بالإسلام هو الأفهام المغلوطة عنه، والتي ازدحمت في رؤوس كثير من خلق الله المسلمين، فظنُّوا أنَّ الإيمان بالإسلام لا يصحُّ أبدًا إلاَّ إنْ كانوا كارهين للخلق جميعًا، ما لم يكونوا مؤمنين به، وأنَّهم لا يستحقُّون الحياة ما لم يدخلوا هذا الدِّين، لا يفهم أهله جميعًا له، بل يفهمهم هم، نصرخ ليل نهار مدافعين عن ديننا أنَّه لم ينتشر بالسيف، ونحن صادقون في نفى هذه التُّهمة عنه، فكثير من الذين آمنوا لم يكرهوا على الدخول فيه، لكنهم اختاروه عندما خُيِّروا، وأكثرهم لم يقاتلوا، ولكنهم دعوا للدخول فيه فآمنوا به، بعد أن رأوا مؤمنين به، ملتزمين بأحكامه، وكيف يسلكون في مناهج الحياة، ولكن لا أقول فئة، بل فئات لديهم مفاهيم مغلوطة عن الإسلام، تربّت في الرؤوس عبر الزمن حتى كان لها شيوخ يدَّعون فهم الإسلام، وألاَّ فهم له سوى ما فهموه هم من نصوصه، سمّينا بعضهم خوارج، وحال دون تسمية الآخرين بما يستحقُّون عوامل معوقة لا تزال تعمل حتَّى اليوم، ولا نفاجأ أبدًا بما تفعله هذه الجماعات المتطرِّفة من أفعال شنيعة، وجرائم بشعة، ونحن على يقين أن مثل هذا حدث في تاريخنا، وأنَّ مَن فعله فهم النصوص فهمًا مغلوطًا، فهذه الجماعات التي انتهجت العنف، وكفَّرت المسلمين تنوَّعت، وكلّ منها يدَّعي أنَّه وحده الذي فهم الفهم الصحيح للإسلام، وما ظهر التكفير والتبديع والتفسيق لأفراد من الأمّة، أو الجماعة، أو لسائر الأمَّة إلاَّ بسبب الأفهام المغلوطة للدِّين، ونصوصه، وأدلته، وشرائعه، فالله عزَّ وجلَّ يقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) ولم يأمرنا الله بتتبّع عورات الناس أيًّا كانت؛ لنحكم عليهم بكفر، أو ابتداع، أو فسق، ثم يتطوَّر الأمر إلى أن نعتدي عليهم، ونزهق أرواحهم، فربنا عزَّ وجلَّ يقول: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ)، وهذا التبيّن تمَّ ببعثه سيدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولكل طالب حق سيجده في هذا الدِّين، ولا يصح إيمان مكره، ولا يُقتل من أجل عدم إيمانه، وإلاَّ لكنَّا أعداءً لأهل الأرض جميعًا، وربنا يقول: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ)، وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم لا يقدر أن يكره الناس ليكونوا مؤمنين، فغيره أعجز وأبعد عن أن يحقق ذلك، فحاربوا التكفير والتبديع والتفسيق والتضليل، تقضوا على الإرهاب.. وفقكم الله.

عن عبدالله فراج الشريف

تربوي سابق وكاتب متخصص في العلوم الشرعية كلمة الحق غايتي والاصلاح أمنيتي.

شاهد أيضاً

صورة مقالات صحيفة المدينة | موقع الشريف عبدالله فراج

إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس

الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: