التدخل الأجنبي والحرب على الإرهاب

الإرهاب عملية مُعقَّدة أوجدتها عوامل عديدة، بعضها داخلي في الدول التي تعرّضت لعمليات إرهابية، وبعضها خارجي، ومنها الديني والثقافي والاجتماعي والسياسي أيضاً، ولكن التدخل الأجنبي في شن حرب على الإرهاب في الغالب هو الذي قوّى تواجده في البلدان العربية بالذات، ذلك أن السياسة الغربية، خاصَّة للدول الكبرى هي ما طوّرت عملياته، وأمدّته بتقنيات حديثة، بل وأسلحة تركت الطرق سالكة لوصولها إليه، فاشتراك دول غربية في حرب على الإرهاب، عبر الحرب الجوية فقط، وفي دول انفرط عقد الأمن فيها، أتاح له الفرصة للتمدد فيها، حتى أصبحت ميادين لتدريباته، بل وأن يمارس الحكم في بعض أجزائها، فهذا ما حدث في العراق الذي أهّله الاستعمار الأمريكي ليكون أفضل ساحاته، كذلك في ليبيا الذي جعل غزو الناتو منها ساحة للإرهاب مُثْلَى أيضاً، ثم تركها تموج بجماعاتٍ إرهابية من كل لون، كذلك اليمن، فما تدخل الغرب في بلدٍ إلا وأسلمه للفوضى، ثم تركه نهباً لجماعات إرهابية تتدرَّب على أرضه وتستولي على ثرواته، هذه أفغانستان، أول دولة نشر التدخل الأجنبي فيها الإرهاب، لا تزال تأن حتى يوم الناس هذا، ولعل الغرب في جعبته من التدخل في بلداننا ما يُخبؤه في المستقبل لمزيد من الفوضى ينشرها في منطقتنا، وينسى أن الموجة الأولى من تدخُّلاته أدت إلى تدفق الهجرة إليه بأعدادٍ كبيرة، ولعل موجته الثانية ستُضعف من مقاومته لهذه الهجرة، والتي ستكون طوفاناً، حتى وإن ضغط على دول شمال إفريقيا للحد من الهجرة، كما أن الإرهاب الآن قد عرف الطريق إلى بلدانه، وقد تتصاعد حوادثه فيه، ولو أنَّه أمد بلداننا الإسلامية بالسلاح الحديث، الذي من خلاله يُقوي أمننا لحربٍ شرسة ضد الإرهاب، لكُنَّا قضينا عليه منذ زمنٍ طويل، فتجارب دولنا في القضاء على الإرهاب في أرضها نجحت نجاحاً باهراً، رغم قلّة الإمكانيات، والتي جعلت كثير من هذه الجماعات المتطرفة تمتلك من السلاح ما هو أكثر تطوراً مما تمتلكه بعض البلدان العربية والإسلامية، وضربات الدول الغربية للإرهاب كأنها وسيلة لاستثارته، فإذا أثير، كفّت عن حربه، وكأنها تريد له أن يتغلّب في دولنا على أهلها، فها هو في شمال باكستان تشتد عملياته وتتوسَّع، وها هي جماعاته تتفنَّن فيما تقوم به، ولا تستطيع الدولة مقاومته، ولكن في الغرب لا ينجح كهذا النجاح، للفرق الواضح فيما لدى الجانبين من التقنيات لمقاومته، فغض النظر عنه في شرقنا جعله يستشري، ووضع الخطط المحكمة لمقاومته في الغرب جعلته ينحسر بسرعة، ثم سياسة ضربه حيناً ثم تركه يسترد عافيته في الشرق جعلته يقوى ويستشري، فإلى متى يستمر هذا؟.. نرجو أن يتوقف سريعاً.

عن عبدالله فراج الشريف

تربوي سابق وكاتب متخصص في العلوم الشرعية كلمة الحق غايتي والاصلاح أمنيتي.

شاهد أيضاً

صورة مقالات صحيفة المدينة | موقع الشريف عبدالله فراج

إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس

الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: