تكاليف الزواج في الخليج

لاشك أن قيمة تكاليف الزواج في دولنا الخليجية العائق الأكبر أمام شبابنا في هذه الدول عن الاستقرار بعد الزواج، مما ينتج عنه مشاكل كثيرة، تصل بالزوجين إلى الانفصال في الغالب، ومن تعرَّف على مشكلات الزواج في أقطارنا الخليجية علم أن تكاليف الزواج الباهظة تُؤخِّر زواج بعضهم، وقد يذهب عُمْر الشاب هدرًا وهو لم يُوفِّر من المال ما يُمكنه أن يُنفقه على الزواج، وبهذا يتأخَّر سن الزواج للشباب والفتيات في بلداننا، وقد يؤدي ذلك ببعضهم عن الإعراض عن الزواج كليًا، وكثير من بيوت المتزوجين منهم يسودها الاختلافات بسبب ما تحمَّل الزوج من ديونٍ للزواج، وكثيرًا ما يؤدي ذلك إلى انهيار الزواج لما عاناه الزوجان بسبب ذلك، وكنت أظن أن دولة الإمارات تنجو من هذا، فالأمر فيها على غير ما هو في غيرها، إلا أني اكتشفتُ أننا متشابهون، فقد قرأت عبر التواصل الاجتماعي نقلًا عن برق الإمارات: أن غلاء المهور والسكن المستقل، والمسؤوليات المادية، والديون من أهم المشاكل التي يواجهها الشباب الإماراتي، إذا أرادوا الزواج وتكوين أسرة مستقرة، فكل عنصر منها يحول دون الاستقرار بعد الزواج في حال تلبيتها، وهو الأمر الذي يتسبب في المشكلات الزوجية لاحقًا، وهو الحال فيما أظن في جميع دول الخليج، فالدخول بصفة عامة إذا استثنينا الأسر الغنية لا تكفي لطلبات الزواج، حيث يتباهى الناس بمهوره وحفلاته، وما يلحق بذلك من السكن الملائم والسيارة والأثاث الفاخر، رغم علم الجميع أن حتى مرتب خريج الجامعة لا يكافئ كل ذلك، ولا يستطيع الشاب توفير متطلبات الزواج بمرتّبه وحده، أما أن يكون صاحب مشروع خاص يدر عليه أرباحًا كافية، فدون ذلك كما يقول العرب خرط القتاد، والأب الموظف المتعدد الأبناء أعجز من أن يمد اليد إلى أبنائه كلهم، فيوفر لهم متطلبات الحياة كلها حتى الزواج، فذاك ليس بمقدوره أبدًا، وإنما يطحنه الحزن وهو يراهم غير قادرين على أن يبنوا أسرة، لأن متطلبات هذا ليس في مقدورهم لذا ترى في مجتمعاتنا الخليجية الكثير من الأبناء عزابًا وترى مسحة الحزن على آبائهم ظاهرة، ولكن المجتمع مقلد بعضه لبعض، فلا أحد يساعد الشباب على أن يُكوِّنوا أسرًا بما يستطيعون، بل الكل يُحمِّلهم ما لا يستطيعون، ولو عقل الناس لساعد بعضهم بعضًا، ولما وجدتَ في المجتمع عازبًا، ولا بين الفتيات عانسًا، فهل يفيق أبناء أوطاننا ويرحمون أبناءهم؟.. هو ما أرجو، والله ولي التوفيق.

عن عبدالله فراج الشريف

تربوي سابق وكاتب متخصص في العلوم الشرعية كلمة الحق غايتي والاصلاح أمنيتي.

شاهد أيضاً

صورة مقالات صحيفة المدينة | موقع الشريف عبدالله فراج

إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس

الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: