أهذا هو زمان اتخاذ الرؤوس الجهال؟!

في الحديث المتفق عليه في الصحيحين: «عن عبدالله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا يقبض العلم ينتزعه انتزاعًا من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالمًا اتخذ الناس رؤوساً جهالًا، فسُئلوا فأَفتوا بغير علمٍ، فضلّوا وأضلّوا)»، وكأنى اليوم وأنا أرى في عالمنا المسلم مَن يتجرأ على ثوابت الدين فينكرها، ولم يعد أحد يحترم حتى نصوص السنة وهو يجهل الصحيح والضعيف المقبول والمردود، ومع هذا يتبع كل ناعق، فما أن يقول جاهل: هذا حديث موضوع، حتى أشاع ما يقول، ولا علم له أصلًا بما يسبب وضع الحديث أو يضعفه، ولا ما يجعله مقبولًا أو مردودًا عند أهل العلم به، ولو قال أحد فيما يلزم للرواية أن تكون مبدعة، لوجدت من يرد عليه بالأعداد الغفيرة، أما من يتجرأ على حديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فيجعل الصحيح موضوعًا، فتجد له من المتشيعين؛ الكثيرين، ممن لا علم له بالحديث بل بالعلوم الشرعية كلها، فيقول كل من قلت له: لمَ تقول فيما لا تعلم شيئًا، حتمًا سيحاسبك الله عليه، لكان رده بكل وقاحة، لا علم في الدين، وكل مسلم له الحق أن يقول فيه ما يعتقده صحيحًا، في منتهى الجهل بحقائق العلوم، فلم يرضه للرواية ما يرضاه الدين؛ لأن الدين قد يكون في نظره أقل قداسةً في نفسه منها، والمعلوم اليوم أننا في عصر التخصص، فلا يُقبل من أحد أن يتحدث في علم لم يتخصص فيه، بل يمنع كل محترف حينما يعمل في حرفة لم يتخصص فيها، ولم يبق عند هؤلاء أي قداسة لدين الله، وكأنهم لم يقرؤوا كتاب الله ولعلهم لم يفعلوا، فقد جمع الله حرمة الفواحش ما ظهر وما بطن والإثم والبغي بغير الحق، ثم جمع إليهم أعظم الذنوب وهما الشرك وأن تقولوا على الله ما لا تفعلون، في قوله تعالى: {قُلْ إنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ}، فالقول في دين بلا علم من أعظم الذنوب، التي يجب أن يجتنبها العبد، أليس الله يقول: {وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ إنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ}، والقول على الله بلا علم خطره على الأمة عظيم، ولا بد من وقفة جادة لهؤلاء الذي يقولون في دين الله بلا علم؛ لكف أذاهم عن الدين وأهله، وأظن هذا هو المطلوب في عصرنا هذا.

عن عبدالله فراج الشريف

تربوي سابق وكاتب متخصص في العلوم الشرعية كلمة الحق غايتي والاصلاح أمنيتي.

شاهد أيضاً

صورة مقالات صحيفة المدينة | موقع الشريف عبدالله فراج

إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس

الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: