حقوق الإنسان بين الغرب والشرق

الحقيقة التي لا تغيب عن حياة البشر، أن أممهم سواء عاشت في الغرب أو الشرق، لكل منها ثقافة، تعتمد على أصولٍ من الفكر والدين والتاريخ، تختلف عن الأخرى، فما خُلِقَ البشر كلهم متشابهين في هذا الأمر منذ خلق الله الأرض ومن عليها، وإلى الأبد، وهذا الاختلاف في عرف المسلمين فطرة في البشر، لا يمكن صبّهم في قالب ثقافي واحد أبداً، لذا جاء نص قرآننا مشيراً لذلك بقوله: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)، نوّع ربهم خلقهم، وجعل ذلك سبباً للتعارف لا للتنافر، ولكن ذلك لا يتأتى أبداً مع محاولة إلغاء ما يميز قبيل منهم عن الآخر عنوة، فهذا هو ما يورث الشقاق بينهم، الذي لم يخلقهم الله حتماً من أجله، فالله يقول: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ)، فاختلاف الأمم والشعوب إنما جعله الله لهم فطرة، لينتفع بعضهم من بعض، دون أن يطغى قبيل منهم على الآخر، أو أمة على أخرى، فتقع الفتنة، التي ما ثارت بين الأمم إلا وكان ناتجها حروباً لا تتوقف، وقتلاها لا يُحصَى عددهم، وما خُلقوا لذلك، وإنما ليتعاونوا بينهم، فيقدم كل منهم للآخر ما قد ينقصه، لعدم معرفته به، مما يحتاجه اجتماعهم، ولكنا في زمن أهله يبحثون عن سمات الاختلاف بينهم، ولا يبحثون عن أسباب الاتفاق، التي أرشدهم الله إليها ليتعارفوا ويتعاونوا، لا أن يظن قبيل منهم أنه قادر على التغلب على سائرهم، كما هو حال الأمم اليوم، ففي الغرب قبيلٌ رأى أن كل ناتج ثقافته هو ما يجب أن يُتبع، وأن غيره من أمم الأرض يجب أن يكونوا أتباعاً له، انصرف إلى صناعة السلاح وتكديسه، وصنع ما يبيد البشر بالملايين منه، وهدد كل أمم الأرض به، ثم هيأت له نفسه أنه القادر الوحيد على ضمان حقوق الإنسان من كل البشر، وأن يجبر سائر الأمم على اعتناق مبادئه في هذا الباب من ناتج ثقافته، ولو رفضته شعوب الأرض كلها. انظروا اليوم بين الأديان اختلاف، ولا يتم زواله إلا بزوال أديان وأديان، واختلاف ثقافات، ولا تزول إلا بزوال بعضها، وسيطرة الأخرى، ولعلَّ مخطط الغرب لم يعد يُجهل أن يزيل كل اختلاف بينه وبين الأمم الأخرى بزوال أديانها وثقافاتها، بل وتواريخ حياتها، وهو المستحيل، وإن جمع قوة الكون كله في يده، وأبرز الأمثلة فيما يتكلم الغرب عنه باستمرار، حقوق الشواذ جنسياً، (حيث يتزوج الرجل رجلاً مثله)، رغم أنه فِعل مُحرَّم في الأديان كلها، ويصرُّ على ذلك، ويُخاصم مَن يُعاقب فاعله.

معلومات التواصل:

ص.ب: 35485 جدة 21488
فاكس: 6407043
إيميل: [email protected]

عن عبدالله فراج الشريف

تربوي سابق وكاتب متخصص في العلوم الشرعية كلمة الحق غايتي والاصلاح أمنيتي.

شاهد أيضاً

صورة مقالات صحيفة المدينة | موقع الشريف عبدالله فراج

العالم الأول الذي افترى على الأمم!!

عشنا زمناً ونحن نتحدث عن السياسة والمتقدمين في ممارستها، حتى نعتنا دولاً بأنها العالم الأول، …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: