المظاهرات ليست أداة للتغيير

لو أن أحدًا يثبت لنا تاريخيًا أن المظاهرات اتخذت أداة للتغيير في أي بقعة من هذا العالم ونجحت في ذلك، ولم تؤدِّ إلى خسائر فادحة، ودعونا ننظر حولنا بصدق وأمانة، هذه هي المظاهرات في باريس، والتي لا تزال حتى اليوم تراوح مكانها، وذوو القمصان الصفراء يملأون الشوارع، ويقودونها عبرها بين الحين والآخر، هل غيرت سياسة الحكومة الفرنسية وهل أزاحت الحكومة أو رئيس الدولة عن حكم فرنسا؟، ذلك لم يحدث رغم مطالبة المتظاهرين به، وما تحقق من بعضها فإنما هي منح من الحكومة باختيارها لا مرغمة عليها. ودعا الغرب سكان بلدان عربية للتظاهر وساعدوهم إعلاميًا وبتصاريح تأييد حكومية، وظلوا كما يزعمون يدفعون حكوماتهم لتحقيق ديمقراطية مزعومة لا تتحقق أبدًا، ولكن المظاهرات خاصة في بلداننا العربية لا تلبث حتى تنقلب أداة تخريب، فتشيع الفوضى في الوطن، وتقضي على مقدراته، وتجلب اليه تدخلاً أجنبيًا، لا يهمه أن يهزم الحاكم، أو ينتصر عليه شعبه، وإنما همه كله أن يضعف ذلك البلد ويسيطر على من يحكمه إن استطاع، وتلك كارثة الكوارث، ففي ظلها الكل مهزومون، ولينهب ثروات ذلك الوطن إن قدر على ذلك.

ولكن المظاهرات لا تسقط الحكومات فقطـ بل تشيع الفوضى في البلاد فتضر المواطنين، ولا يتحقق لهم ما أشيع بأن المظاهرات ستحققه لهم، ولو نهجت الشعوب الى التصالح مع حكوماتها، ونهج الحكام أن يقابلوهم في منتصف الطريق لما حدث كل هذا ولما تضررت البلاد وأهلها، في ليبيا قتل القذافي ولم يتحقق حتى اللحظة للشعب الليبي ما وعد به، كذا سقط صدام حسين ولم يصل العراقيون لما وعدوا به، بل أصبح حالهم أسوأ بكثير من حالهم أيام صدام حسين، ومن قبل كانت ثورة في الصومال وقسم الى دولتين،ولا يزال أهله يقتتلون، ورحل الروس عن أفغانستان واحتلته أمريكا ثم تركته خرابًا يتقاتل أهله إلى اليوم.

وها نحن نتابع أحداثًا في الجزائر والسودان واليمن، ولا ندري أحداث أي بلدان سنتابع مستقبلاً، هناك حركة قوية تبعث في الأوطان ما يدمرها، ولا يحقق لها أمنًا ولا أمانًا ولا ديمقراطية كما يزعمون، وكلها تنحدر إلى الهاوية شيئًا فشيئًا، فاحذروا أيها العرب والمسلمون ما يراد لكم فلا تصدقوا من يحثكم على فوضى تقضي على استقرار بلدانكم.

عن عبدالله فراج الشريف

تربوي سابق وكاتب متخصص في العلوم الشرعية كلمة الحق غايتي والاصلاح أمنيتي.

شاهد أيضاً

صورة مقالات صحيفة المدينة | موقع الشريف عبدالله فراج

إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس

الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: