اخوان مصر وإنضاج التجربة

كل ما مرّ باخوان مصر خلال الأربعة والثمانين عاماً التي مضت، بما فيها من عمل سري لم تكشف معالمه بصورة واضحة حتى اليوم، وسواء أكانوا هم المظلومين خلالها أو الظالمين، إلاّ أن الفترة الوجيزة التي مرت بها خلال الفترة الانتقالية من عمر الثورة المصرية الحالية قد عرضتهم للعمل تحت الضوء فكشفت للناس أسلوبهم في العمل، فنشأت بينهم وبين الآخرين المتفقين معهم في المنهج أو المختلفين مواقف متعارضة، قد اكسبتهم ولاشك خبرة من خلال نجاحاتهم والعثرات، وعليهم اليوم أن يقيّموا التجربة ويستخلصوا منها النتائج وقد وصلت إليهم اليوم رئاسة الدولة في ظرف استثنائي قد لا يتكرر في المستقبل، إن لم يستفيدوا من التجربة، فعليهم أن يقوموا بإصلاح ما أخطأوا فيه، بعد ان يعترفوا به، فلا سبيل لإصلاح الأخطاء إلاّ عبر الاعتراف بها أولاً، ثم معالجتها بذكاء ورويه فالحكم يختلف تماماً عن إدارة جماعة تبايع مرشدها ولا تخرج عن ما رسم وما يريد، ولا تتحمل مسؤولية أمة ومجتمع إنساني متغير متطور، فما كان بين الأخوان وسواهم من تيارات المجتمع المصري من خصام، اعترى فيه الخطاب الكثير من الحدة والاتهامات التي لا يقبلها عقل ولا شرع يجب أن تختفي، وعلى الرئيس المنتخب ألا يستعين بأحد ممن مارسوها، والشرخ الذي صنعته عقول اختلت بين الأخوان ومؤسسات الدولة كالمجلس العسكري الأعلى وشيوخ القضاء المصري يجب أن يرتق بحكمة، ونظرية الاستحواذ على مفاصل الدولة المصرية يجب أن تختفي، فهو أمر لن يحدث أبداً، في ظل ثورة شعبية لم تتميز حتى بقيادة واضحة لها كسرت حدة الخوف لدى جماهير الشعب، الذي عرف الطريق لاسقاط أي نظام لا يرغب فيه، فلو كان ما حدث كان انقلاباً لأمكن لمن قام به أن يحتكر السلطة، وأن يطهر مفاصلها إلا من رجاله الذين يحرصون على إقامة حكم ينتمي إليه وإلى الفكر الذي يحمله، وأظن أن زمن الانقلابات قد ولى ولن يعود، فإخوان مصر اليوم على المحك، فعليهم أن يرسموا لهم تجربة ناجحة عن حكم مدني ديمقراطي نزيه، يجلب لمصر الأمان والاستقرار، وبعيدها لمحيطها العربي أولاً ثم الإسلامي فالأفريقي ثم العالمي، فالدول اليوم لا تعيش إلا عبر روابطها المتنوعة والمتعددة، وأظنهم عبر كل ما مرّ بهم مدركون لهذا وسيقومون بما يجب عليهم تجاه مصر وأهلها ليتحقق لها ما أعلنته ثورتها من العيش الكريم والحرية والعدالة الاجتماعية ولعلهم فاعلون فهو ما نرجو والله ولي التوفيق.

عن عبدالله فراج الشريف

تربوي سابق وكاتب متخصص في العلوم الشرعية كلمة الحق غايتي والاصلاح أمنيتي.

شاهد أيضاً

صورة مقالات صحيفة المدينة | موقع الشريف عبدالله فراج

إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس

الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: