الظاهر والباطن في دعوة الجماعات

نجاح المملكة في مواجهة هذا الإرهاب أمنيًا حتى كُسرت شوكته في بلادنا.. سيبقى دومًا غصة في حلوق المؤيدين لهذه الجماعات

أكبر الجماعات الإسلامية التي نقصد بوصفها هذا أنها ظهرت بين المسلمين بدأت في الغالب سرية, ولا تظهر حتى تقوى شوكتها, رأينا هذا في الجماعة الأصل التي تفرعت عنها كل جماعات العنف في تاريخ الإسلام, وهي جماعة الخوارج والتي بدأت بجماعات تدعي الحرص على المسلمين وحقوقهم, فتوجهو إلى عاصمة الدولة الإسلامية الناشئة في المدينة وعلى رأسها صحابي جليل, صهر الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- ومن أكابر أصحابه, أخبرنا سيدنا رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أن الملائكة تستحي منه, وهو من الذين بشرهم بالجنة وهو الصادق الذي لا ينطق عن هوى بل كل ما يصدر عنه في شأن الدين وحي يوحى, وأفشلتهم جموع المسلمين فلم يكن لهم رأي في الحكم, فبايع الناس ابن عم رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ولم يتوقفوا عن غيهم إلا لمّا قاتلهم المسلمون إنفاذًا لأمر رسول الله -عليه الصلاة والسلام-, ثم أصبحت ثوراتهم معهودة بين الحين والآخر, يعملون في السرِّ زمنًا ثم يظهرون ليقاتلوا المسلمين ويعتدوا على أرواحهم وأموالهم وأعراضهم بفهم سقيم للدين, وبُعد عن حقيقته, وصفهم سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (سيخرج قوم في آخر الزمان, أحداث الأسنان سفهاء الأحلام, يقولون من خير قول البرية, لا يجاوز إيمانهم حناجرهم, يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فإذا لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرًا لمن قتلهم يوم القيامة), وقد تعامل المسلمون معهم بذلك يقاتلونهم ويقتلونهم ليريحوا الناس من شرورهم, وكلما ظهرت جماعة لهم واجهوها, حتى كادت تختفي ثوراتهم المعتادة, وحتى جاء العصر الحديث, يخشى المسلمون ما تثيره جمعيات حقوق الإنسان في الغرب, واعتراضات دول الغرب على ما أسموه انتهاكات حقوق الإنسان, ورغم أن دولاً كثيرة عربية وإسلامية اكتشفت ما تخطط له هذه الجماعات, وهي لا تزال تعمل سرًا, وكان يمكنها القضاء عليها في مهدها ولكن منعها من ذلك أن تعلن تلك الجمعيات وتلك الدول أن ملفها لحقوق الإنسان أسود كما هو الزعم الدائم, ونسيت تلك الدول أن النظام الديمقراطي لا يمكن تطبيقه انتقائيًا, فلو سمحت لمثل هؤلاء أن يعلنوا رأيهم لم يحتاجوا إلى السرية ولو سمح لها أن تعمل في العلن لما عملت في السر, ولأدى ذلك إلى أن تراجع أفكارها لتنفي عن نفسها التطرف والانحراف, ولأمكن محاسبتها إذا انحرفت أو تطرفت بما يقلل الخسائر إلى أبعد حد, ولاجتمع الناس على مواجتهتا إذا أعلنت التطرف أو مارسته, وبهذا يقضى عليها قضاءً مبرمًا, لأن التعامل معها سرًا كما هو عملها يثير دائمًا الشكوك, ومعلوم بداهة أن من يكفر جل المسلمين ويهاجمهم سلمًا وحربًا, لن يكون بينهم من سؤيده, أما من كان يعمل سرًا ثم يهاجم ليسجن ويعاقب, فستكثر دعاواه, وسينفي عن نفسه ارتكابه أي جرم حسي أو معنوي, وقد يصدقه الناس إذا رأوا ظاهره فهو يصلي حتى يحتقر الناس صلاتهم إلى صلاته وصيامهم إلى صيامه, هكذا ورد وصفهم في نصوص السنة, أما إذا تركت لهم الحرية أن يعملوا جهرًا وتابعهم الناس ورد على فكرهم العلماء وهزموا باطلهم أمام الناس فلا شك أن شوكتهم ستنكسر, ولأمكن محاكمتهم علنًا والناس يرون كل خطوة في مواجتهم فيمتنع شرهم عن مجتمعات المسلمين, بعد أن استمرأوا الشر وفعله عبر الزمان, فالعلنية دومًا خير من السر في العمل للدين والوطن والأمة, فإذا لم يسر الحاكم قراراته, فالناس لن يضمروا له شرًا, وسترقى العلاقة بين الحكومات وشعوبها إلى الدرجة التي تجعلهم جميعًا صفًا واحدًا في مواجهة أي خطر يتهددهم, وسينجحون حتمًا في رد كل عدوان عليهم من عدو خارجي يستهدفهم أو داخلي يحاول نشر الرعب والفوضى في المجتمع, وفي هذه الحالة لن يبقى لعمل سري وجود, فهذه الجماعات التكفيرية والتي سدرت في غيها ومارست العنف على مدى زمني طويل, إنما ساعدها على البقاء عملها السري وعدم علانيتها لعدم السماح لها بالظهور ومواجهتها بنفس الصورة, وحتى معاقبتها في كثير من الأحيان سرًا, وإذا انتهت هذا الطريقة في مواجهتها, فإن هذا سيكشفها للناس ويسهل القضاء عليها, ويمنع أيضًا الدخلاء ممن يؤيدون الشر ويلبسونه ثياب زور أن الاسلام يأمر به, سواء أكانوا في داخل منظومتنا الإسلامية أو العربية أو خارجها, وخاصة في الدول التي لا تتحقق مصالحها إلا من خلال نشر الفوضى في دولنا عبر هذه الجماعات, وهذه الدول وللأسف هي دول الاستعمار الغربي والولايات المتحدة الأمريكية, والتي تحارب نشاط هذه الجماعات في بلدانها, ولكنها تؤيهم داخلها, وتسمح لهم بالتخطيط لأعمال إرهابية في بلداننا, بل وتمنع أن يعودوا لأوطانهم لمحاسبتهم, وظل بعضهم في بريطانيا يرسلون حتى شبابهم المقيمين معهم في بريطانيا ليقوموا بعمليات إرهابية في بلاد العرب, وهذا من النفاق لدى الدول المستعمرة التي تدعي الحفاظ على حقوق الإنسان, وتدعي أنها تسعى لنشر الديمقراطية في دولنا المسلمة والعربية, وإن نجاح المملكة في مواجهة هذا الإرهاب أمنيًا حتى كسرت شوكته في بلادنا سيبقى دومًا غصة في حلوق المؤيدين لهذه الجماعات, كفانا الله شرها وهزمها أمام مواجهتنا له إنه سميع مجيب.

عن عبدالله فراج الشريف

تربوي سابق وكاتب متخصص في العلوم الشرعية كلمة الحق غايتي والاصلاح أمنيتي.

شاهد أيضاً

صورة مقالات صحيفة المدينة | موقع الشريف عبدالله فراج

إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس

الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: