سوريا والثورات العربية

جَهِل بشار الأسد بتاريخ شعبه جهلاً ذريعاً أدى به للتمادي في جرائمه.. وستأتي له بنهاية بشعة قريباً

سوريا العربية الوطن والمواطنون كانوا دوماً في مقدمة الشعوب العربية الأبية، التي تنهض بعزم وحزم لمقاومة الاستعمار وكل ظلم تلاه أو سبقه، حينما ظهرت حركة القوميين الطورانيين في تركيا، وتقلصت الخلافة الإسلامية فيها، وحاول الحكام الجدد تتريك العرب بإلغاء لغتهم وثقافتهم وبدأت مظالمهم تتوالى، وأصبحت المشانق تنصب للثوار العرب في الساحات كانوا هم رأس الحربة في رد هذا العدوان والنزوع للحرية والاستقلال، وتجاوبوا مع الثورة العربية الكبرى، وسعوا مع إخوانهم بجدية تامة للحصول على الاستقلال، فلما سقطت الخلافة في تركيا بتحالف أثيم بين الطورانيين القوميين فيها بزعامة أتاتورك، والدول الغربية المتلهفة لاستعمار الولايات العثمانية باعتبارها تركة الرجل المريض وفرضت على عالمنا العربي معاهدة سايكس بيكو الشهيرة، والتي مزقت وحدة الوطن العربي، كانوا هم أول الساعين لمحاربة الاستعمار وانتزاع حريتهم واستقلال بلادهم من أيديه القذرة، وقدموا الضحايا تلو الضحايا من الأبطال المقاومين المجاهدين لاسترداد عزة الوطن وكرامته، واستطاعوا دحر الاستعمار والحصول على الاستقلال، وإن جاءت بعد ذلك أنظمة وطنية لم تختلف عنه كثيراً، مما جعل الوطن السوري ينتفض بين الفينة والأخرى إيماناً بأن الظلم يجب أن يواجه حتى يسقط، وكم ثورة قامت وأسقطت حاكماً فاسداً في فترات متقاربة، حتى بدأت دعوة تظهر في الأفق تدعو إلى الوحدة العربية، وإنشاء كيان عربي موحد يقف في وجه الاستعمار المجزئ للوطن العربي إلى وحدات إقليمية صغيرة، ترتبط بالتبعية لغرب أو شرق، فبادر السوريون لتأييد هذه الدعوة والعمل من أجلها ولما لم تنجح انتفضوا وعادوا إلى استقلالهم، هكذا هم لا يبيتون على ضيم، وتتابعت ثوراتهم على كل حاكم مستبد من رؤساء جمهوريات عليلة انتهت بحكم عسكري غشوم في ظل حزب يدعي العروبة والوحدة، ولكنه يحكم بيد من حديد، لا يهتم أبداً لما يريده الشعب ويسعى إليه، وأخذت قسوته تتعاظم، حتى بلغ أقصى مدى فيها في فترة حكم حافظ الأسد، ولا زلنا نذكر الحرب تلك الضروس التي شنها النظام على شعبه، ولم يترك شيئاً في ترسانته العسكرية إلا واستخدمه ضد هذا الشعب الأبي، ودمر مدينة كبرى من مدنه وبلغ الضحايا عشرات الألوف، وظن أنه لن تقوم لهذا الشعب نهضة أخرى لاسترداد عزته وكرامته، وخاب فأله فها هو هذا الشعب المجاهد ينتفض مرة أخرى في ثورة عربية سلمية أولاً للمطالبة بتنحي رأس النظام عن الحكم، مع تنحية كل من حكموا معه وتلوثت أيديهم بدماء هذا الشعب البريء، وانتهج الابن أسلوب الأب، متوهماً أنه بذلك سيسطر على هذا الشعب المجاهد، ويقمع هذه الثورة العارمة على استبداده ومظالمه التي بلغت حداً لم يبلغه نيرون في زمانه، هدم المدن وأحرقها، وضحاياه كل يوم يتزايدون، فهو جهل بتاريخ شعبه جهلاً ذريعاً أدى به إلى التمادي في هذه الجرائم البشعة والتي تأتي حتماً بنهاية بشعة له عما قريب، وسيأخذ من الموضع الذي يأمنه، ولن ينفعه مواقف تأتي في صفه من الروس أو الصين أو إيران، فما أن يبدأ الانهيار السريع المقبل لا أقول بعد أسابيع بل علها أياماً قليلة، وأول المتخلين عنه المؤازرون له اليوم فما سبق لهم أن قادوا حرباً نيابة عمن يناصرونهم من مستبدي الحكام ولعله يدرك هذا قبل فوات الأوان ويرحل عن سوريا فيحفظ حياته.

عن عبدالله فراج الشريف

تربوي سابق وكاتب متخصص في العلوم الشرعية كلمة الحق غايتي والاصلاح أمنيتي.

شاهد أيضاً

صورة مقالات صحيفة المدينة | موقع الشريف عبدالله فراج

إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس

الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: