لبنان.. هل ينجو؟!

إن لبنان واحة الجمال في أرضنا العربية وكان للحرية واحة ظليلة، فكثيرٌ من العرب كان إذا ضاقت عليه الدنيا رحل إليها، وجاء زمنٌ تجد فيه كل مَن عرف أنه أفضلهم عِلماً وفكراً وأدباً وفناً، يخرج إليها طلباً للاستزادة، وكانوا يتمتعون بمساحةٍ لم تُعرف في أصقاع العرب، وكان بعضهم يرحل إليها ليقرأ ما يُنشر بلغة العرب، ثم يدع ما قرأ بعد استيعابه، ويرحل عائداً إلى وطنه، لمَّا كان المنع لكثيرٍ من الأفكار التي تخطّها الأقلام تتعرَّض للرقابة، ولا تدخل كثيراً من البلدان، وعشتُ آنذاك سنوات بها، وبعدها كنتُ أذهب وأعود في إجازات متعددة، وخضتُ أول تجربة للزواج فيه، ثم جاءت سنوات عجاف في لبنان، كلما رغبتُ في تجديد العهد لم أجد شيئاً مما عهدت، وأصبحتُ أُتابع الحروب، وإطلاق النار في مواسم الانتخابات، أو اعتراض المرشحين بالقوة، وصدّهم عن الوصول إلى البرلمان، ليصعد إلى كراسي الرئاسة مَن يحميه السلاح، ثم تحكَّمت الطائفية في نظامه، فأخّرته آماداً طويلة، وفقد لبنان بهجته، التي كانت تدفعنا كل عامٍ لزيارته في الصيف، ثم فجعنا بهذه الطائفية البغيضة، التي تؤدي إلى توزيع الوظائف العليا والدنيا أيضاً بين اللبنانيين بحسب طوائفهم، وأصبح للطوائف رؤوس يتحكَّمون فيها ويُخضِعون البلد لإرادتهم، وزعماء يُدافعون عن حصصها في الحكومة والمناصب الإدارية، فغاب الكفء تماماً عن جميع المناصب إلا ما قل، وأصبح يولَّى المناصب مَن كان في طائفته قريباً من زعيم الطائفة، وتسلَّق إلى المناصب من ليسوا لها أهلاً، وامتدت الأيدي للمال العام، حتى لم يعد في خزينة الدولة ما يقوم بحاجات الوطن، ثم جاء الطوفان الإيراني الذي لم يدخل بلداً إلا وأصبح فقيراً، فانظروا إلى إيران ذات الثروات العظيمة، ها هي تعاني اقتصادياً، ولا يغرنكم القول بأن ما فُرض عليها من عقوبات هي السبب، فالفقر قَدِمَ مع حكومات الثورة على مدى أربعين عاماً، واشتغل العلماء بالمناصب، وكوَّنوا الثروات، وافتقر الشعب.

عن عبدالله فراج الشريف

تربوي سابق وكاتب متخصص في العلوم الشرعية كلمة الحق غايتي والاصلاح أمنيتي.

شاهد أيضاً

صورة مقالات صحيفة المدينة | موقع الشريف عبدالله فراج

العالم الأول الذي افترى على الأمم!!

عشنا زمناً ونحن نتحدث عن السياسة والمتقدمين في ممارستها، حتى نعتنا دولاً بأنها العالم الأول، …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: