جعل الله لنا عيدين أبدلنا بهما من أعياد كانت لغير المسلمين، عيد الفطر، وهو العيد الذي يلي شهر رمضان الكريم، يفرح فيه عباد الله المسلمون بتمام شهر الصيام، وإتمام عبادة هي لله، وهو من يثيب عليها وهي الصوم، فقد روى الإمامان البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال الله: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي، وأنا أجزي به، وتمام الحديث: «كل عمل ابن آدم يضاعف له الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله تعالى: إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي، ولعظيم فضيلة هذه العبادة «الصوم» فقد جعل الله للصوم ثواباً عظيماً يقدره الله للصائم لا يعرف فضله سواه، ولهذا أوجب الله على المسلمين الفرح بأداء هذه الشعيرة الهامة، فإذا انتهت فرحوا لذلك، وهم قبل ذلك يفرحون عند الفطر كل يوم بتمام صيامه، ولهذا يظهر المسلمون في شتى أقطارهم الفرح عندما يعينهم الله على صيام الشهر، فيحسون أن الله أثابهم الثواب العظيم على أداء الصوم، خاصة وأن الصوم لا يقدر الثواب سوى من أمر به، والصيام كما هو عبادة هو تربية للمسلم على أن يصبر على الجوع، فإذا صبر عليه وأحس بالجوع رق قلبه للفقير الذي لا يجد ما يسد خلته، فتصدق عليه وأحسن، ومع الصيام يتجلى الله للعبد فيقوم الليل، ويثاب على ذلك، وهو يمضي الشهر كله بنوع العبادة من صيام وقيام ليل وتلاوة قرآن، ويرتاد المساجد فيقوم الليل فيها ويتصدق، تتنوع عباداته، فيتقبل الله منها ما شاء أن يتقبله، ويجعله في ميزان حسنات العبد، لا يرجو بها سوى رضوان الله.
ثم يأتي شهر ذي الحجة وفيه يوم عرفة حيث يتجلى الله على عباده فيها، ويشهد ملائكته أنه غفر لهم، فيعودون من حجهم كما ولدتهم أمهاتهم دون ذنوب. وما أجمل أعيادنا، وهي مواسم خير يأتينا فيها من ربنا عظيم ثوابه، يغفر ذنوبنا ويتقبل دعاءنا، وليس ذاك إلا لنا، فاللهم تقبل منا دوماً ما أمرتنا به، وأطعناك بفعله. هكذا رسم ربنا لنا حياة كلها خير، لنا فيها أعمال قليلة، ولكنها عظيمة الأجر والثواب رحمة بنا، وحتى نصل إليه وقد غسلنا من الذنوب فإذا نحن كما ولدتنا أمهاتنا لا ذنب لنا، نفرح بعبادتنا ونسعد بها، على يقين أن الله يضاعف لنا الحسنات حتى لا يبقى علينا من الذنوب شيء أبداً، فكيف ولنا غير الصوم والحج عبادات أُخر نمحو بها ذنوبنا كلها ونصل إلى ربنا ولم يبق علينا شيء نحاسب عليه.