إن ظاهرة التكفير والتسرُّع به، عند كل ما يظهر لطالب العلم الشرعي أن فيه مخالفة للدين، من أسوأ الظواهر التي ابتلي بها أهل الإسلام، ولعل أول من أظهرها في ديار المسلمين «الخوارج»، فهي علاوةً على ما تُسبِّبه من عداوات وبغضاء بين المسلمين، تقود إلى اقتتال بينهم، لهذا قال سيدنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح، الذي رواه عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعضٍ)، والنهي عن هذه الظاهرة لا يجب أن يكون وعظاً فقط، بل بمحاسبة من استعملها في مواجهة الآخرين، وتغليظ العقوبة التعزيرية عليه، حتى لا نجد في مجتمعنا من تصبح له هذه الظاهرة عادة، حتى ولو كان قليل العلم متبعاً الهوى، فإن العقوبة تردع الناس عن مثل هذه الظواهر، والتي تمس عقائد المسلمين، حتى تلك المنطوية عليها قلوبهم ولا يظهرونها للناس، فتجد بين من يجهلون يشككون في عقائد من لا يتحدثون عن عقائدهم، فهو قد استهواه الشيطان، فلم ير على عقيدة صحيحة سواه، فأخذ يشكك في عقيدة من عرف ولم يعرف، وتسمعه في المجالس ينثر تهمه على الخلق، ودون أن يهتز له طرف، وما علم أن هذا خطره عليه عظيم، فقد قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه في الحديث الصحيح: (أيما امرئ قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما، إن كان كما قال وإلا رجعت عليه)، وهذا التحذير الشديد من التكفير، ما جاء إلا ليُعلِّم الناس خطره، وعظيم ما يؤول إليه أمره، فالتكفير إذا اتهم به أحد، فإنه تعريض له بحدِّ الردّة، بما فيه من إزهاق الروح، وأن يُفرّق بينه وبين زوجه، وأن تُنزع منه أمواله، وهو سبّة لأهله من بعده، فلا يجرؤ على تكفير المسلم إلا من لا يخشى الله، وقذف الناس بالكفر، ولو كان على سبيل المزاح، أمر سيئ لا يجب أن يجريه المسلم على لسانه، ولو تتبعنا ما جرى، حين ظهور التكفير في مجتمعات المسلمين، من كوارث في كل بلاد ظهرت فيها هذه الظاهرة، لآمنّا بخطر هذا التكفير . ومحاربة هذه الظاهرة في المجتمعات المسلمة ضمانا لأمنها، وإبعادًا لشبح الحروب فيما بين سكانها، فهل نُدرك هذا وننهى عنها، ونضع أشد العقوبات على مَن يطلقونها في المجتمعات المسلمة؟!، هو ما نرجو، والله ولي التوفيق.
معلومات التواصل:
ص.ب: 35485 جدة 21488
فاكس: 6407043
إيميل: [email protected]