الإعلان التجاري منذ نشأته وهو متَّهم بأنَّه يُزوِّر مواصفات للسلع قد لا توجد فيها، فيندفع المستهلكون لاقتنائها طلبًا للمنافع التي ذكر الإعلان أنَّها تحققها للمستهلك، والنتيجة ألاَّ يجدوا منها إلاَّ القليل، إن لم نقل إنّهم لم يجدوا منها شيئًا أصلاً، وهذا غش تجاري -ولا شك- يتعاون على إبداعه تاجر، وموكل بالإعلان في وسائل الإعلام المختلفة، ولو أن أحدًا تتبَّع هذه الإعلانات التي تملأ وسائل الإعلام والتواصل، وتزدحم على الطرقات وعلى الجدران، ولا تغيب عن نظر المستهلك أبدًا، وهي عبر وسائل الإعلام الحديثة تقتحم عليه صالون بيته، بل وغرف نومه، فهي لا حدَّ لها تسعى إليه من أجل خديعته، وكم من إعلان دفع مستهلكًا للحصول على سلعة معلن عنها رجاء أن يجد فيها من المنافع ما ذكرها الإعلان ودفعه لاقتنائها، فيُفاجأ بأنَّ كل ما ذُكر عنها وَهْمٌ من الأوهام التي لا يمكن أن تتحقق، وفي بلادنا نجا إعلامنا الرسمي إلى حدٍّ بعيد من هذا اللون من التزوير، أمّا سائر وسائل الإعلام -اليوم- خاصّة وعامّة في الداخل والخارج فهي تمارس نفس الشيء، ولا يضبط حركتها نظام يُؤسَّس بضوابط الإعلان، إن خرج عنها عُوقب المعلن والتاجر معًا، وأضرار الإعلانات التجاريَّة عبر وسائل الإعلام لا تكتفي بهذا التزوير فقط، وترغيب الناس في سلع رديئة، والإعلان عنها أردأ منها، بل تتعدّاه لانتهاك حقوق كل من النساء والأطفال عبر جعلهم أدوات ترغيب في سلع كثيرة، جلّها رديء، والقليل منها ما يوفر له المنتج مصداقيَّة تجعل المستهلك يجد فيه ما أعلن عنه أو بعضه، فالمرأة في الإعلان الحديث سلعة تُعرض على الأنظار إمّا شبه عارية، أو تتحرك بحركة تستثير بها الشهوات، أو كلمة لينة تستثير بها بعضها، والأطفال يتقافزون ليشاركوا في صنع هذا الزيف دون أن يعلموا أضراره البالغة على المجتمعات الإنسانيَّة، ولا أحد يحاول الحدّ من هذا الجنون، ويُمنع هذا الزيف بنظام يُحدث ضوابط تمنع هذا الزيف، ومزيدًا منه، حينما تُذكِّر الجميع أن عدم الالتزام بها يُعرِّض من يفعل ذلك للعقوبة.