في بعض الأحيان أجد تعليقات لبعض قرائي الأعزاء بالنقد العام غير المفصل أو المفسر لبعض مقالاتي، لعله قد يحدوهم لطرحه حماس يظنونه صواباً، وأجد هذه التعليقات على موقع الجريدة حيناً، وحيناً آخر عبر رسالة غاضبة عن طريقها أو عن طريق بريدي الالكتروني، أما تلك التي تحمل شتائم وهجاء مقذعاً فأنا اتجاوزها، فلست بسباب ولا شتام ولا طعان ولا لعان، أسير على نهج سيدي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وإن نوهت عنه مرة فعلى طريقته – عليه الصلاة والسلام – أذكر القول وانتقده ولا أذكر القائل، وتطالبني بعضها ألا أكتب في موضوعات هي من صلب تخصصي، لأنهم يجهلون كل شيء عني، وقد تمس ما هم عليه من أخطاء، أو أخطاء بعض من يقلدون وأعطوهم قداسة، فلا يخالف لهم أحد رأياً، إلا وقالوا إنه ليس من أهل العلم، ويتحدث في غير فنه، ومن فعل ذلك أتى بالعجائب، كلمة حفظوها ولم يدروا ما تعني، ولم يعرفوا عني شيئاً وتعجلوا في حكمهم، والتعجل صفة لكثيرين اليوم في مجتمعنا، وصنف من الناس أصبح سوء الظن بالصحافة وأهلها له عادة، يكرر ذمهم دون وعي، ولو طالبته بما يثبت به قوله لعجز عجزاً ذريعاً، وأنا إذا تحدثت في تخصصي في العلوم الشرعية فإني لا أبدي رأياً مجرداً، وإنما أذكر الحكم وأورد الدليل عليه، ذاك أني قد تخصصت في الشريعة وحصلت على أعلى الشهادات والدرجات العلمية العليا في تخصصي من أقدم كليات الشريعة في البلاد، أعني كلية الشريعة والدراسات الاسلامية بمكة المكرمة، بتفوق بدرجة الامتياز مع مرتبة الشرف، كما أني ثنيت ركبي في حلقات الدرس في الحرم المكي الشريف، وتلقيت العلم على عدد من علمائه، كما أخذت عن غيرهم من علماء الدعوة الاصلاحية كالشيخ محمد بن ابراهيم آل الشيخ مفتي الديار وقرأت بين يديه، وعرفت من علماء آل الشيخ عدداً أفدت منهم، وما عرفت عالماً نابهاً إلا سعيت له وأفدت منه، في بلادي أو خارجها، وقمت بتدريس العلوم الشرعية والعربية كافة في التعليم العام أولاً، ثم في إحدى الكليات الجامعية (كلية المعلمين) ورأست قسم الدراسات الاسلامية فيها سنوات عديدة، وقد أمضيت في التعليم أربعاُ وثلاثين سنة، ثم بعد تقاعدي واصلت التدريس في مجالس علمية أعقدها لكبار تلاميذي في الفقه وأصوله وفي الحديث والسيرة وعلوم أخرى، مع تخصصي في الاقتصاد الاسلامي، ودراستي للاقتصاد الوضعي بكل فروعه، مع قراءاتي التي لا تنقطع، منذ صباي وحتى اليوم، وقد جبت بعض بلداننا الاسلامية مطلعاً على أحوالها ومحاضراً ومعلماً، لهذا فأنا اطمئن الأخ الذي رمز لاسمه (ببريدي) أن نصيحته في غير محلها، وهو الأولى بها، فهو الذي تحدث في غيره فأتى بالعجائب، فإنما تحدثت عن علم، أما هو فتحدث عما لا يعلم، وشتان بين من علم ومن جهل، ولعل مقالي السابق الذي نشر في 30/7/1433هـ بعنوان (الإصرار على عقوبة التائب) قد اثاره مع بعض من يصرون على طلب العقوبة لمن تاب عن ذنبه، وأصروا ألا يقبلوا عذر من يعتذر عن خطأ وقع منه، ويضادون بذلك حكم الشرع ومقصده، تزكية لأنفسهم وتبرئة لها من المعصية، واتهام الخلق بكل المعاصي وإن لم يأتوها، ومن الاخطاء الشائعة اليوم الرغبة في تخطئة كل من تقرأ له ولو لم يخطئ شهوة في الكلام، فهذا أحد قرائي جاءتني رسالته من الجريدة يعلق على مقالي بقوله:(لا شك أن توبة العبد بينه وبين ربه ولكن بالنسبة للعقوبة فيجب إيقاعها) والتوبة إذا كانت على ذنب الحق فيه لله اكتفى في أن تكون بينه وبين الله، أما اذا كانت المعصية فبها حق للعباد فلا بد أن تكون علنية، وهو لو قرأ لمقال بدقة لما كلف نفسه أن يعلق مثل هذا التعليق ففي المقال قولي:(ولا يظنن أحد أنه قد أوكل اليه أمر الفصل في ذنوب العباد، ما لم تكن ذنوباً لها عقوبة مقدرة، وهو قاضٍ يحكم بها) فأنا لم اهمل ذكر العقوبة حتى أنبه إليها. عفا الله عنا جميعاً وألهمنا الصواب، وأرانا الحق حقاً ورزقنا اتباعه، وأرانا الباطل باطلاً ورزقنا اجتنابه انه سميع مجيب.
الوسومالقراء
شاهد أيضاً
إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس
الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …