حتى لا يكون تعدد الزوجات مشكلة

لا مسلم يشك في أن تعدد الزوجات في الاسلام مباح بنص القرآن الكريم حيث يقول ربنا عز وجل : (فإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فان خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكتم أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فان طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً).
وما أعظمها من آية أكدت إباحة التزوج بالواحدة والاثنين والثلاث والاربع ان قدر المتزوج على ذلك ببدنه وماله بشرط العدل فان انتفى أو خيف ألا يعدل فالاصل الاقتصار على واحدة، ولعله مسلك غالب الرجال وإن قدروا خوف الظلم أليس ربنا يقول : (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وان تصلحوا وتنفقوا فان الله كان غفوراً رحيماً) فالعدل التام بين النساء المتعددات أمر في غاية الصعوبة على الأقل في ميل القلب الذي لا يملكه، والذي يشعره ان كان تقياً بالحيف على إحداهن ولو لم يقصده ، والأمن منه في الاقتصار على الواحدة . خاصة في زمن الفتن التي كقطع الليل المظلم تتوالى، ولعل القابض على دينه في زمانها كالقابض على الجمرة.
ولعل الأفتتان بالنساء أضر على المؤمن من أي فتنة أخرى، وعلى المسلم أن ينأى بنفسه عنها ما استطاع الى ذلك سبيلاً، وحتماً ليس الاستكثار من النساء في مصلحة التقى والورع، الذي يخشى ان يظلم أحداً ، ونحن نرى في زماننا من ذلك العجب العجاب.
فهذا جاهل بأمور دينه لم يتعلم أصلاً له دخل لا يتجاوز الخمسة آلاف ريال يجمع في عصمته أربع زوجات ويلدن له من الأولاد والبنات مازاد عن العشرين، فلم يستطع الوفاء بالنفقة عليهم وعلى اولادهن منه، فتاهوا في هذه الحياة ، ورأينا جل أولاده الذكور في السجون، وقد يلحق الفساد ببناته وزوجاته، وأشك أن هذا وعى حكمة إباحة تعدد الزوجات، واستطاع تطبيق شرطه، ولم يجد الناصح من أهل العلم الذي يبصره بأحكام الدين فأتى مباحاً أنتج حراماً كثيراً.
وهذا وللأسف طبيب ظن أن الرجولة لا تتحقق الا إن تزوج كل يوم إمرأة ، تزوج ابنة عمه، فكانت له نعم الزوجة أنجبت له الأولاد ولكنه لم يكتف بها فتزوج الثانية وأنجبت له ثلاث بنات ولم يكتف حتى تزوج الثالثة وهي تكبره سناً وكلما اغضب واحدة منهن تهددها بأن يتزوج عليها ويطلقها، لا حرمة لواحدة من نسائه عنده، ويمد اليهن يده ويضربهن وعما قليل يعجز عن الانفاق عليهن، ومصيره لاشك كمصير ذاك الجاهل، وأعان الله نساءه على تربية أطفالهن منه حتى لا يتشردوا.
والغريب في الامر ان الجاهل والمتعلم في هذا الأمر سواء ، الرغبة في النساء تدفعهم جميعاً الى تعدد الزوجات، ولكنهم جميعاً قد يعجزون عن القوامة عليهم بمراعاة حقوقهن وعدم ظلمهن ، واغنائهن وأولادهن أن يمدد أيديهن للناس ليعيشوا، ووالله لم يشرع الله التعدد لهذا، ومن فهم التعدد بانه التزوج بالنساء دون عدل وقيام بشؤونهن فهو ظالم لهن ولاولاده منهن ولنفسه، ألم يسمع هذا بقول سيدي رسول الله – صلى الله عليه وسلم:
(من كانت له امرأتان فمال الى احداهن جاء يوم القيامة وشقه مائل) فكيف اذا كان ظالما لكل نسائه من هن في ذمته، ومن طلقهن ، فهو لا يعرف العدل أبداً، ولا يؤمن بان الله سيقتص لهن منه يوم القيامة وسينجين ويهوى به في النار لما وقع منه من ظلم، اللهم إهد كل ضال ورده اليك رداً جميلاً إنك خير من سئل وخير من أجاب الدعاء.

عن عبدالله فراج الشريف

تربوي سابق وكاتب متخصص في العلوم الشرعية كلمة الحق غايتي والاصلاح أمنيتي.

شاهد أيضاً

صورة مقالات صحيفة المدينة | موقع الشريف عبدالله فراج

إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس

الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: