العداء للدين قضية خاسرة

منذ الاحتكاك بين الشرق والغرب، ظهرت نظرية روَّج لها الغرب، وهي أن الدين عدو للعلم والحضارة، بناء على ما حدث فيما سُمِّي بـ»عصر التنوير» في الغرب، فقد احتدم صراع بين الكنسية التي كانت متحكّمة في كل جوانب الحياة في أوروبا، والعلماء في شتى العلوم، وكان الملوك زعماء الكنائس والمتصرّفين فيها، فلما ظهرت بوادر نهضة علمية في الغرب؛ خشيت الكنيسة على نفوذها، فحاربت هذه النهضة العلمية حرباً شرسة جداً على مدى قرون، قُتل فيها من العلماء في شتى العلوم، التي اعتمد بناء الحضارة عليها، كالعلوم الطبيعية والأحياء والفلك والكيمياء والفيزياء، ثم بعد ذلك على علوم إنسانية كثيرة، كعلم الاجتماع وعلم النفس، وهذه الحرب الشرسة لعلها خفت في القرن التاسع عشر، فالعصور الوسطى التي كانت فيها هذه الحرب مشتعلة، كان شرقنا يعيش أزهى عصوره، حيث نهض بالإسلام، وأنتج من العلم الإنساني الكثير الذي نقل إلى الغرب، وأصبح هو مادة النهوض فيها في شتى العلوم التي حاربها الغرب آنذاك، ولا تزال كتب علماء الإسلام في الفلسفة وتاريخ العالم وفي الكيمياء والفيزياء والرياضيات وغيرها هي مادة النهوض في الغرب، ونحن اليوم ننظر إلى شرقنا، فنرى ردّة عظيمة تحارب الدين، وتريد أن تكرر ما مر به الغرب من عداء للدين، وليس لهذا أساس يعتمد عليه، خاصة فيما يحاوله البعض من الهجوم على علماء السنة النبوية والفقه والتفسير من جهلة لا يعرفون شيئاً عن هذه العلوم، وقد كان وقت العداء بين الغرب والكنيسة، كان في الشرق ازدهار في هذه العلوم، بجانب العلوم الطبيعية، حتى أن ابن رشد الذي اعتمد الغرب على مؤلفاته في الفلسفة كان عالم دين، له في علومه الكثير من المؤلفات، ولكن الجاهلين لا يعلمون، والغريب أن مَن يُريدون صراعًا بين الدين والحياة، هم مِن أجهل الناس بالدين وبالعلوم الدنيوية أيضاً، وهم سادرون في غيهم في حربٍ؛ هزيمتهم فيها ظاهرة، ولن يستطيعوا نجاحاً فيها أبداً.

عن عبدالله فراج الشريف

تربوي سابق وكاتب متخصص في العلوم الشرعية كلمة الحق غايتي والاصلاح أمنيتي.

شاهد أيضاً

صورة مقالات صحيفة المدينة | موقع الشريف عبدالله فراج

إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس

الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: