المبحث الرابع : تكرار العمرة وفضله
إن تكرار العمرة مشروع في أصله يروى عن كثير من الصحابة رضوان الله عليهم , منهم علي بن أبي طالب , وابن عباس , وعائشة , وأنس بن مالك , وقال به من السلف عطاء وطاووس وعكرمة وهو مذهب الإمام الشافعي والإمام أحمد , ويستدل لذلك بما يلي :
(1) حديث عائشة – رضي الله عنها – حينما اعتمرت من التنعيم عند من يقول بأنها كانت قارنة في حجها فكأنها اعتمرت مرتين في شهر واحد .
(2) قوله : “العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما ” وهو يقتضي تكرارها لأن الخير يطلب بفعلها لتكفير الذنوب مرة بعد أخرى .
(3) قوله : “تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما تنفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة وليس للحج المبرور ثواب إلا الجنة ”
(4) قال علي بن أبي طالب – كرم الله وجهه ورضي عنه – حينما سئل عن تكرارها : “في كل شهر مرة ” وكان أنس بن مالك رضي الله عنه إذا حمحم رأسه خرج فاعتمر , وقال عكرمة : “يعتمر إذا أمكن الموسى من شعره” وقال عطاء :”إن شاء اعتمر في كل شهر مرتين” .
وقال الإمام أحمد : “إذا اعتمر فلابد أن يحلق أو يقصر , وفي عشرة أيام يمكن حلق الرأس” .
وقال الإمام الشافعي في الإملاء : استحب للرجل ألا يأتي عليه شهر إلا اعتمر فيه , وإن قدر أن يعتمر في الشهر مرتين أو ثلاثاً أحببت له ذلك” .
وقال ابن قدامة في المغني : وقال بعض أصحابنا : “يستحب الإكثار من الاعتمار”
وقال الإمام النووي في إيضاحه : “ولا تجب العمرة إلا مرة واحدة كالحج ولكن يستحب الإكثار منها لاسيما في رمضان” وذلك يتأكد لقوله : “عمرة في رمضان تعدل حجة” .
والذي لاشك فيه أن العمرة عبادة وتكرارها فيه تكثير للعبادات المطلوب شرعاً لمحو الذنوب واكتساب الحسنات يشهد لذلك ماجاء في فضل العمرة “وأن العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما” والعباد في حاجة إلى رحمة ربهم وغفرانه , وخاصة من حباه الله بأن يكون من أهل الحرم لتدارك ماقد يكون قد فرط منه من صغائر الذنوب والله أعلم .