نقول للدكتورة حياة.. إننا نفخر بها ونرى فيها وفي مثيلاتها وأمثالها من الشباب نساءً ورجالاً أملنا في التقدم والحياة الراقية
ومن هذه المساءات البهية في مدينتنا جدة الغالية كان مساء يوم الاثنين 27/12/1433هـ، حيث عادت الحركة إلى مقر مؤسسة الاثنينية الثقافية في دار الوجيه الأديب الشيخ عبدالمقصود محمد سعيد خوجة، الذي أثرى الحركة الثقافية في جدة البهية بعلمائها ومفكريها وأدبائها، وأهل الفنون فيها، مَن رفعوا للوطن راياته في أجزاء من عالمنا العربي، وفي العالم أجمع، وهم من نخبة أهل هذه البلاد الطيبة، كان دور الشيخ عبدالمقصود على مدى ثلاثة عقود تكريم العلماء والأدباء والمفكرين، وطباعة كتب رواد الفكر والعلم والأدب في البلاد، وتوفيرها للأجيال، خاصة من كان منهم من المبدعين، لذا لما غابت الاثنينية على مدى عام كامل عن حركة الثقافة؛ بسبب ما ألمّ بالأخ الكريم منشئها، كنا جميعًا نتتبع أخباره، وندعو له بأن يتم الله شفاءه، فلما أعلن عن عودة الاثنينية سعينا جميعًا إليها شوقًا إليه، وشوقًا لعمله الرائع في مجال الثقافة، وزاد مساءنا بهجة أن كانت المُكَرَّمة عالمة مكية شهيرة، تابعنا بداياتها الأولى ونبوغها المبكر، الذي جعل العالم يعترف به، تلك الابنة الوفية لوطنها، التي أثناء مسيرتها العلمية الفريدة لم تدّخر وسعًا أن تعرّف الناس على وطنها، وهوية شعبه، لم تنسَ هذا الوطن لحظة واحدة، عندما طمحت أن تكون عالمة، اختارت المجال العلمي الدقيق لتتخصص فيه «التقنية الحيوية»؛ لتقدم للإنسانية باختراعاتها المتعددة ما يرفع عن الإنسانية الآلام، وتوفر أفضل الوسائل لتجعل الإنسان أكبر قدرة على مواجهة الصعوبات، جاهدت عند وصولها أول مرة لبريطانيا حينما واجهتها الصعوبات، وأصرّت على التفوق لتنجح نجاحًا باهرًا في التغلب على كل الصعوبات مهما كانت قاسية، لتضرب لبنات جنسها المثل الرائع، ليعلمن أنهن إن أردن التفوق سيصلن إلى مبتغاهن، وما دمن مصرّات على التفوق، بل تضرب المثل للشباب من الجنسين ليصلوا إلى أعلى مراتب التفوّق، حصلت على الدكتوراة في سن صغيرة، وكانت الدراسة في أعرق جامعات إنجلترا (كامبردج) بعد أن أسست في جامعتها الأولى، وبدعم من الأميرة (آن) مختبرًا علميًّا لأمراض الصدر، أجرت فيه أبحاثًا دقيقة لعقار اكتشف في ألمانيا لتحدد مكوناته وفاعليته، وحققت إنجازًا علميًّا بتقليل جرعته دون التقليل من فاعليته، وبعد حصولها على الدكتوراة مثلت جامعة كامبردج، ومثلتها في جوردن في بوسطن بالولايات المتحدة الأمريكية، ببحثها الرائع المتعلق بابتكار جهاز لقياس أثر نوع من المبيدات الحشرية على الدماغ، وابتكرت بعد ذلك المجس متعدد الأغراض، لترفع به معدل دقة القياس، واعتمدته وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) رسميًّا في أبحاثها ورحلاتها وتوالت بعد ذلك اختراعاتها واكتشافاتها، وهي اليوم باحثة بجامعة هارفارد الأمريكية، ترأس فريقًا علميًّا، كما أنها عضو في هيئة التدريس بالكلية الملكية البريطانية، وفي عام 1999م انضمت لعضوية الجمعية التابعة لمجلس العموم البريطاني، بدعوة من جمعية العلماء الشبان الأكثر تفوقًا في بريطانيا، وفي عام 2001م بدعوة من البنتاجون شاركت في المؤتمر القومي لمرض السرطان، ووجهت لها جامعة بيركلي بولاية كاليفورنيا الدعوة ضمن خمسة عشر عالمًا، من أفضل العلماء في العالم، لاستشراف مستقبل العلوم، وحصلت على جائزة المركز الأول مع فريقها العامل في مسابقة المبادرات التي يقيمها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا لجامعة هارفارد، وذلك تقديرًا لابتكاراتها التقنية للتشخيص، وعملت بالتعاون مع شركة شامبير العالمية في مشروع تأهيل الأطفال من مختلف أنحاء العالم للتفكير والتحليل المبكر، وفي العام 2009م اختارتها منظمة نك بوب ضمن أفضل خمسة عشر عالمًا في مجالات مختلفة ينتظر منهم أن يغيروا وجه الأرض عن طريق أبحاثهم واختراعاتهم، وهي تُعِدُّ اليوم لمشروع علمي ستكون جدة مركزًا له لمساعدة الشباب في قضايا التفكير والاختراع فالإبداع، وفي بلادها قيّم خادم الحرمين الشريفين جهودها، واستقبلها، وسمّاها الموهوبة، وحصلت على جائزة مكة للتميّز العلمي والتقني، ولا تزال تنظر للمستقبل بعين واثقة بالقدرة على تحقيق المزيد من الإبداع، وقد استمعنا إليها خلال ساعة وهي تتحدث عن تجربتها الإنسانية، بقدر عظيم من تواضع العلماء، والقدرة على الإقناع، والشعور الرائع الرائق بما تحتاجه الإنسانية من جهود علمية عظيمة ومتوالية من العلماء لتكون حياة البشر على هذه الأرض أكثر سعادة، وأقل خطرًا وصعوبات، وسمعناها تحث أخواتها من نساء الوطن أن يسعين لتحقيق آمالهن وطموحاتهن، خاصة في المجال العلمي، الذي غايته خدمة الإنسانية، وأن يرفضن أي نوع من المثبّطات، أو المعوّقات، ونقول للدكتورة حياة إننا نفخر بها، ونرى فيها وفي مثيلاتها وأمثالها من الشباب نساء ورجالاً أملنا في التقدّم والحياة الراقية، ونطالبهم بمزيد من العمل في هذا المجال. هو ما نريد والله ولي التوفيق.