آثار من مضى على أرضنا شواهد تاريخ لم ينس، وله في البلاد علامات تكون ظاهرة حيناً، وفي اوقات اخرى يبحث عنها ويزال عنها ما تراكم عليها عبر العصور مما أخفاها عن انظار الناس. والأمم كلها تعنى بهذه الاثار عنايتها بالتاريخ المحسوس عبرها على أيديم الأرض وباطنها أحياناً، وفي بلادنا عناية بالآثار مظهرها الواضح قسم للآثار ثم إنشاؤه منذ زمن طويل في وزارة المعارف (التعليم) وأنضم إليه آثاريون متعددون، ثم تم إنشاء هيئة السياحة والآثار، والتي تباشر اليوم مهامها بنشاط ملحوظ.
ورغم هذا فاننا جميعاً نلحظ ان بلادنا لاتزال بكرا لم تُخْرج الى النور بعد كل كنوزها الأثرية، فلايزال المطمور منها أكثر من المكتشف، رغم تلك البعثات التي صاحبت شركات البترول في فترة الاكتشاف ، والتي حملت معها بعض ما اكتشفته من الآثار ولم يعد أكثره حتى الآن الى البلاد.
ولم نر حتى اللحظة جهودا مكثفة لهيئة السياحة والآثار لاستعادة ما سرق من آثارنا لاستعادته الى الوطن ومتحفه، كما اننا لا نجد لها برنامجاً واضحاً للبحث عن الآثار في مختلف ارجاء هذا الوطن والتي تثير الاكتشافات الاولى الى وجودها وامكان الكشف عنها بسهولة.
كما أن عنايتها بالآثار العمرانية لأجيال المملكة المتعاقبة اقتصرت على مناطق محدودة ، واهملت سائر البلاد، حتى ان هذه الآثار العمرانية في غالب مدننا أزيلت عمداً رغم أهمية بعضها من الناحية الأثرية والتاريخية وفي مكة والمدينة أزيلت أهم هذه الآثار واختفت نهائياً.
أما المأثورات المتعلقة بتاريخ النبوة في مكة والمدينة، وما ورد من المواضع في تاريخ بدء الاسلام تعرض لكثير من الادعاءات الزائفة التي تحاول نفيه رغم كل الدلائل على وجوده، كما ان المساجد الأثرية تعرضت لخطة ازالة ممنهجة حتى لم يبق منها الا العدد القليل جداً، ولا يسلم من محاولات جديدة لهدمه وكل يوم نسمع عن هدم واحد جديد ، تتعدد الاسباب والازالة واحدة، ورغم وجود هذه المأثورات عبر تاريخنا الاسلامي كله، فلم ينتج عنها ما يدعي من يريدون ازالتها او طمسها من أوهام لا تعيش الا في رؤوسهم أما الواقع فضد ما يقولون. المسلمون ترددوا عليها ما لا يحصى من المرات، وبقيت هي في مواضعها ولم تضعف عقيدتهم او تتأثر.
و”الآثار” في بلادنا مع المأثورات مشكلة تبحث عن حل، ورغم سهولته واننا نستطيع بكل بساطة ان نصدر من التنظيمات ما يمنع الاعتداء على المواقع الأثرية والآثارية، ويعاقب من يعتدي عليها بأي لون من الاعتداء، وان نصونها ونكشف عما لم يكشف منها بعد، فهي ثروة وطنية علاقاتها بإنسان هذا الوطن علاقة أصيلة وفطرية، وتعلقه بها أمر غير مشكوك فيه، وهي ولاشك عامل جذب لكل مواطني العالم أن يزوروا بلادنا ليروها، فالسياحة اليوم اصبحت في سائر دول العالم أحد مصادر الدخل الرئيسية لكل بلد فيه ما يثير اهتمام الناس به.
ولعل الآتي من الأيام نجد فيه قرارات جديدة تحمي آثارنا وتصونها فهي مصدر لتاريخ الوطن ملموس ، فهو ما نرجو والله ولي التوفيق.