أغراض أخرى للحية

اللحية على وجه الانسان من الناس من يراها زينة للرجل وجمال، واخرون لا يتحملون وجودها، ولكن حكم اعفائها بمعنى ابقائها وعدم حلقها سنة فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (عشر من الفطرة: قص الشارب واعفاء اللحية والسواك، واستنشاق الماء وقص الاظفار، وغسل البراجم، ونتف الابط، وحلق العانة، وانتقاص الماء وقال الراوي: ونسيت العاشرة الا ان تكون المضمضة) وعن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (احفو الشوارب واعفو اللحي) وقيل: حصل من مجموع روايات هذا اللفط في الصحيحين خمس روايات: اعفو، واوفوا، وارخو، وارجوا، وفروا ومعناها كلها يقتضي تركها على حالها، وهذا الحكم لا خلاف عليه اصلا بين المذاهب المعتبرة.
ولكن اللحية قد توفر وتعطي صورة معينة لاغراض اخرى، يذكر هذا العلامة محمد علي بن محمد علان بن ابراهيم بن محمد بن علان البكري الصديقي الشافعي، قيل عنه: واحد الدهر في الفضائل، احد العلماء المفسرين والائمة المحدثين، وهو مكي ولد في عام 996هـ وتوفى في سنة 1057هـ وقد قيل عنه انه سيوطي زمانه تشبيها له بالامام جلال الدين السيوطي في كثرة التأليف فله من الكتب الكثير منها ما طبع ومنها ما لا يزال مخطوطا ينتظر من يحققه وينشره، وقد قال في شرحه للحديث الاول الذي ذكرناه آنفاً نقلا عن الامام النووي: قال في شرح مسلم: يكره في اللحية خصال بعضها اشد قبحا من بعض:
1- خضابها بالسواد لا لغرض الجهاد، 2- خضابها بالصفرة تشبيها بالصالحين لا اتباعا للسنة، 3- تبييضها بالكبريت او غيره استعجالا للشيخوخة لاجل الرئاسة والتعظيم وايهام لقاء المشايخ، 4- نقضها اول طلوعها ايثارا للمروءة وحسن الصورة، 5- نتف الشيب وتصفيقها طاقة فوق طاعة تصنعا ليحسنه النساء وغيرهن، 6- الزيادة فيها والنقص منها بالزيادة في شعر العذارين من الصدغين او اخذ بعض العذار في حلق الرأس ونتف العنفقة وغير ذلك، 7 – تسريحها تصنعاً لاجل الناس، 8 – تركها شعثة اظهاراً للزهادة وقلة المبالاة بنفسه، 9- النظر الى سوادها او بياضها اعجابا وخيلاء وعزة بالشباب وفخراً بالمشيب وتطاولا على الشباب، 10- عقدها وضفرها وحلقها الا اذا نبتت للمرأة فيستحب حلقها.
ولعل كل هذه الصور كانت موجودة في عصرهم، وكان يتحراها من يوفروا لحاهم، وسوق هذه الصور اما ترجع الى سلوك في المجتمع معروف لا بحث عن النيات كما قد يتصور البعض.
ويبقى ان توفير اللحية بمعنى ابقائها على حالها الا اذا تشعثت فيأخذ منها ما يمنع هذا التشعث، فمظهر المسلم واجب الاهتمام به، وحف الشارب الذي يؤخذ بعضه ويترك له اثر هو سنة مؤكدة، ذلك ان سيدنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم ظل على ذلك حياته كلها، واتباعاً له واقتداء به فتركها على حالها مع الاخذ من الشارب هو امر مسنون، ولكن من خلقها انما ترك سنة ولا يحمل اكثر من هذا، وقد نرى ممن يحلقون لحاهم صلاحاً اعظم ممن بعض من وفروها، وحصر الدين في سنن ومستحبات غير مطلوب، كما ان التفريط في السنن كافة امرا غير مقبول.
فاللهم اهدنا لما تحب وترضى وافرغ علينا صبرا نقابل به ابتلاء زماننا وما فيه من الفتن فأنت من وعدتنا بالاجابة وصلى الله وسلم على سيدنا وامامنا رسول الله.

عن عبدالله فراج الشريف

تربوي سابق وكاتب متخصص في العلوم الشرعية كلمة الحق غايتي والاصلاح أمنيتي.

شاهد أيضاً

صورة مقالات صحيفة المدينة | موقع الشريف عبدالله فراج

إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس

الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: