الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، يحادثهم ويجالسهم ويعيش بينهم مختلطاً معهم، فإذا شاء ربه لمرض أو فقر أو ما سواهما فانقطع عن الناس جزئياً أم كلياً، ضاقت عليه الأرض بما رحبت، وشكا جفوة الحياة وساءه الانفراد عن الخلق الذين كان يخالطهم ويجالسهم وتجري بينه وبينهم المناقشات. أصبح يشعر أنه منفرد عن الناس، وإن بقي مخالطاً للنساء والأطفال، خاصة في المرض الذي يعزله عن شتى ألوان الحياة إلا من هم مثل حالته في المستشفيات، وكل منهم منشغل بحالته، ولا حديث لهم إلا عمّا أصابهم، ومن يراجعونهم من الأطباء الذين تبقى الصلة بهم بالمرض والعلاج والدواء فلا شأن لهم بسواه.
حياة مقفرة إلا من هذا، فإذا عاد إلى البيت فكل يشعرونه بحالته المرضية ولا يدور حديث بينهم عما سواه، فإذا الحياة أقفرت إلا من مرض والحديث عنه وعلاجه، أما باقي الحياة فهو معزول عنها، مما يؤثر في نفسه، فيظل بعيداً عن الحياة المدنية التي اعتادها، وانقطع عنها لولا الصلاة والذِّكر ومناجاة الرب مما لم يبق له في حياته سواها.. ونِعمَ ما بقي له.
اللهم اغفر لي ولمرضانا واجمعنا في جناتك.