إن الفتوى بمعنى بيان أحكام الدين لمن يجهلها, كنا نظن في ما مضى من زماننا أن كل دارس للعلوم الشرعية استوفى دراسة الفقه على يد عالم أو في مدرسة أكاديمية قادر على ذلك ولكنا اكتشفنا مع مضى الزمن أن حتى هذا يحتاج إلى إلمام واسع بعلوم الشريعة ورأينا مَنْ يخطئ حتى في بيان فقه العبادات, فما بالك بمن يتسرع قبل أن يدرك من العلم إلا النزر اليسير فيتصدى للافتاء في أهم القضايا التي تحتاج إلى اجتهاد فيضل ويضل غيره, فكل من أفتى بغير علم, وليس هو من أهلها يجب أن يمنع لأن أهم شيء في حياة المسلمين دينهم, فلا يفتى لهم فيه إلا من كان مؤهلاً للفتوى, سواء أكانت تحتاج للاجتهاد وتعرض على المجتهدين, أو كانت لا تحتاجه ويفتى فيها الفقهاء في المذاهب, ولضبط الفتوى يجب محاسبة كل من يفتي وليس مؤهلا للفتوى ويحاسب من يفتي فتوى تضلل الناس عن حكم الله فيحل ما حرم الله, أو يحرم ما أحل الله, وهؤلاء الذين ينصبون أنفسهم محتسبين ويغزون تجمعات الناس واحتفالاتهم بل والمحاضرات في الأندية الأدبية أو غيرها ويدعون حرمة بعض الأنشطة,ويدعون حرمة بعض الأنشطة الثقافية أو الفنية التي سمحت بها الدولة وليس فيها ما يخالف الشريعة بل وأوضاع المجتمع, وإذا كنا نعتقد جزماً بضرر ما يقوم به هؤلاء فعلينا اتخاذ من المواقف ما يمنع تكرار ما يفعلون,وإذا كان بين هؤلاء من يعانون من بطالة ولا يجدون عملا فعلينا أن نوفر لهم من الأعمال حتى لا يشتغلوا بأمر ليسوا له أهلاً ولم يعهد إليهم به ثم بعد هذا إذا كان في فتاوى أهل العلم المؤهلين للفتوى أخطاء فيرد عليهم بما يصحح الخطأ ويبين للناس الصواب فيه, لا أن يمنع من الفتوى, فمن يعينوا للفتوى هم أيضاً بشر وقد يخطئون وإذا أخطأوا لابد من تصويب أخطائهم أيضاً, فهذا طريق الحق واضح لا لبس فيه , فليس تعيين بعض العلماء للفتوى يعني قدسية لهم وأنهم لا يخطئون أو يمنعه الرد عليهم من قبل أهل العلم القادرين على ذلك لبيان الحق والصواب, والضار من الفتاوي يحاسب صاحبها عليها مثل تلك الفتاوى بتكفير أو إتهام بإلحاد أو ما شبه ذلك مما هو شديد الخطورة على المجتمع يجب مواجهته أولاً ببيان الحق وإشهار الحق للناس والإشارة إلى خطأ من افتى باسمه ثم منعه من الفتوى والوعظ وكل منصب ديني, فهذا ما يحفظ للفتوى هيبتها فهل نفعل هو ما نرجو والله ولي التوفيق.