في ديننا الحنيف الأخلاق أحكام شرعية، لها أدلتها من نصوص الشرع، يلتزم بها من اعتنق هذا الدين، ويترتب على التزامه بها الثواب العظيم في الدنيا، حيث يقبل عليه الناس ويثقون به، وفي الآخرة له من الثواب أعظمه، لذا فالأصل في المؤمن الذي اعتنق الإسلام عن اقتناع، ومارس العبادة في ظله وحسب شريعته، أن يتحلى بكل فضيله أمره الله بها أو حث عليها، ويتخلى عن كل رذيلة نهى الله عنها أو حثه على تركها، ففضيلة الصدق مثلاً واجب على المسلم أن يتحلى بها، فالله عز وجل يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)، ويجمع الله ما يوصف به المؤمنون والمؤمنات في آية واحدة من سورة الأحزاب هي قوله تعالى: (إنَّ المُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ….. الآية)، وفيها أوصاف أخرى كلها تشير إلى فضائل يجب أن يتحلى بها من آمن بهذا الدين، وينص سيدنا رسول الله أن الخيار ممن آمنوا بهذا الدين هم أحسن الناس أخلاقاً فيقول: (إن من خياركم أحسنكم أخلاقًا)، ويقول: (ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق)، ويقول: (أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم أخلاقًا)، كما يقول: (إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم)، ويأتي على قمة هذا كله أن الإسلام لم يبعث به رسوله إلا ليتمم للناس مكارم الخلق، ألم يقل سيدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (إنما بُعثت لأُتمِّم مكارم الأخلاق)، ويصفه ربه بقوله: (وَإنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)، وإذا نظرنا إلى الجانب الآخر الذي تتم به أخلاق المؤمن فإنا نجد أن الكذب محرم يقود إلى جهنم، فربنا عز وجل يصف المنافقين الذين تكفر قلوبهم وإن نطقت ألسنتهم بالإيمان فيقول: (فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ)، وكل صفاتهم إنما هي رذائل فيقول سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان) وللحديث زيادة تضيف رابعة (وإذا خاصم فجر)، وللموازنة بين الفضيلة والرذيلة يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقًا، وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابًا)، وستجد هذا في كل وصف فضيلة يجب اتباعها والتحلي بها، وفي كل رذيلة يجب اجتنابها وتركها حكمًا شرعيًا واجب النفاذ، فلماذا يعرض المسلمون في زماننا عن هذا، رغم وضوحه في كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- ويترك وعاظنا الحث عليه؟ فلنبحث الأسباب لنتجنبها، والله ولي التوفيق.