لا أحد يشك أنّ الحسبة فريضة يجب أن يقوم بها المجتمع المسلم، وقد توكل إلى فئة معينة تعد لها وتؤهل لذلك لمنع أن يكون بين المحتسب والمحتسب عليه نزاع, وهذا ما صنعته بلادنا، فلدينا هيئة للحسبة رسمية تقوم بمهامها في المجتمع ويبقى التناصح بين الأفراد بابه مشرع بأسلوبه الشرعي المقيد بضوابط وآداب، فهناك فرق شاسع بين النصحية والفضيحة، وقد احترف فئة من الناس الحسبة على طريقة تصادم الطريقة الشرعية للحسبة في هذا الزمان، غايتها التصادم مع المجتمع، حيث يقصدون مؤسسات تقيم أنشطة ثقافية مأذوناً فيها، فتثير الفوضى وتمنع استكمال تلك الاشنطة سواء أكانت في رحاب كليات أو نوادي أديبة أو أنشطة مصاحبة لمعارض الكتاب كل عام، ويتوجهون إلى مكاتب بعض الوزراء يثيرون الاضطراب فيها ويسيئون للوزير وموظفي الوزارة، ويعترضون على نظم صدرت بأوامر ملكية أو مراسيم أو قرارات لمجلس الوزراء، ويرفعون الصوت بما لا يصح قوله في تلك المواضع، هم فئة من الشباب جلهم عاطل عن العمل، أو فصل من عمله لارتكابه من الأعمال ما أوجب ذلك، وبعضهم سجن من قبل، وتوافينا الصحف بين الحين والآخر بما يحدثوه من عدوان ولغط دائما يفتعلونه، وقد يحقق مع بعضهم بعد هذه الاحداث وقد يسجن بعضهم ويطول سجنه، ولكنهم لا يرتدعون، لأنهم يظنون ألا أحد سواهم يعلم أحكام الدين، ولا يطبقه بصورة صحيحة إلا وهم ومن ينظرون لهم، ولتكرر ما يحدث منهم بين الفينة والأخرى من شغب سيئ، فكم عانى منهم الراحل الكبير شاعرنا الوزير غازي القصيبي، وما يعانيه اليوم خلفه في وزارة العمل الدكتور عادل محمد فقيه الرجل النبيل، وسمعنا البدعة الجديدة من لم يستجب لهم يهددونه بالدعاء عليه بالأمراض مما يدل على عظيم جهلهم فهم يظنون أن الله يستجيب لدعاء متجاوز يظلم من دعا عليه، فهذا ظن بليد، بل لعل الله إن شاء أن يستجيب هذا الدعاء لجعل الله ما دعا به من نصيبه، فإن دعا بالسرطان اصابه، وإن دعا بأي لون من الأذى ناله، وإن لعن لعن الله، هذا عدل الله وانصافه فالظالم يعاقب لا يثاب بقبول دعوته، فهل يدركون. هو ما أرجو والله ولي التوفيق.