في شهر الكريم ربيع الأول يحتفي العالم الإسلامي كله حكومات وشعوباً بأعز ذكرى بشرية ذكرى مولد خير البرية المبعوث بخير رسالة من الله رب العالمين إلى العالمين جميعاً “الإسلام” الذي أخرج هذه الأمة من الظلمات إلى النور، ومن بدائية الحياة ألى رقيها المسعد لكل البشرية، ولا يشك أحد أن يوم مولده من أيام الله التي بها يفرح المؤمنون، والفرح بهذا اليوم يجعل المعتنقين لهذا الدين الحنيف يتذكرون صاحبه، الذي احتفى به فصامه وندب المسلمين إلى صيامه، فهو أحد يومين في الأسبوع فضلهما عظيم، وزمانهما فاضل (الاثنين والخميس)، وإذا تذكروه عقدوا المجالس لمراجعة سيرته والاحتفاء بما جاء به، والسير على منهجه والاقتداء به، وكل هذا خير، والزعم أن هذا متيسير في كل الأيام وكل الشهور فيه بعض المغالطة، فالنفوس البشرية تغفل والذكر ناقوس يدق ليوقظ الغافلين، ولا ضرر يذكر من ايقاظهم وتنبههم لما كان عليه صاحب الذكرى – صلى الله عليه وآله وسلم – بل هي نفع محض، وخير عميم، ولا نص يحرم ذلك ولا اجتهاد صحيح، وكادت المذاهب السنية الأربعة أن تتفق على فوائد ذلك، والمسلمون عبر القرون يحتفون بهذه المناسبة، رغم أن هناك أصواتا قليلة وضعيفة إبان القرون الماضية، حتى جاءت الثلاثة القرون الأخيرة فعلا صوت بعضهم بالتحريم ونعت الاحتفاء بالابتداع، ولكن هذه الأمة لم تصغ لذلك، فهي لم تقتنع بما يطرح من اجتهاد لا يدعمه دليل على المنع، فظلت تحتفي بالمناسبة، رغم وجود مثل هذه الأصوات، وستظل تفعل على مر الزمان، فهذا الاحتفاء لا يصرفها عن شيء من دينها بل يعزز كل شيء فيه فالمحتفي به هو من بعثه الله بهِ، وحجة الترك قد فرغ منها أهل العلم ولم يعتبروها دليل تحريم لأن لها أسبابا كثيرة متنوعة، إلا ما صرح النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه تركه لأنه محرم، وبالفعل لا يعارض نصاً في كتاب الله أو سنة رسوله – صلى الله عليه وآله وسلم – ولا يحكي من العلماء موثوق به أنه وقع اجماع على تحريمه، ولهذا فلا معنى أبداً أن يبدع غالب الأمة هكذا دون وجهة نظر صحيحة أما الاحتجاج بأن المولد يصاحبه بعض الانحرافات فالكل يدعو إلى إبطال ما قد يصاحبه من محرمات أو مخالفات إن وجدت، ولا معنى للاحتجاج على التحريم، فكل عام وأنتم بخير كلما مرت هذه الذكرى..وصلى الله وسلم وبارك على سيدي النبي محمدبن عبدالله وعلى آله.