البر بالأم طاعة لله

لاشك ان البر بالأبوين واجب شرعي لقول الله عز وجل: (ووصينا الانسان بوالديه احسانا حملته امه كرهاً ووضعته كرهاً.. الآية، ولقوله تعالى : (ووصينا الانسان بوالديه حسناً وان جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما الى مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون) ولقوله تعالى : (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا اياه وبالوالدين إحساناً ولقوله تعالى : (ووصينا الانسان بوالديه حملته امه وهناً على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلىّ المصير) فالبر بهما والاحسان اليهما في كتاب الله فرض على الابناء كما ان عقوقهما من أعظم الكبائر فقد قال سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل أنبئكم بأكبر الكبائر ، قلنا : بلى يا رسول الله قال : (الاشراك بالله وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس فقال : ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور).
والملاحظ هنا ان التوصية بالأم تفوق التوصية بالأب لأسباب ذكرتها الآيات السابقة لما تعانيه من آلام الحمل والولادة، وما يترتب عليها من العناية بالابن حال الصغر وصيانته عما يضره حتى يشتد عوده ويواجه الحياة بقوة، وفي الصحيحين عن ابي هريرة رضي الله عنه قال : جاء رجل الى رسول الله – صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحبتي، قال : أمك قال : ثم من قال : أمك، قال: ثم من قال : أمك ، قال: ثم من قال : ابوك.
فطاعة الابوين بالمعروف وفي غير معصية الله واجبة شرعاً لانها تدخل السرور عليهما ورعايتهما عند الكبر وفاء لما أسدياه الى الابن في صغره فالله عز وجل يقول : (وقضي ربك الا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين أحساناً إما ما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً ، والأم لها مزيد التوقير ، فيحرم على الابن مجرد التضجر من قولها او ما يوجهانه به فما اعلى منه من الايذاء أشد تحريماً واذا كان الأمر كذلك فان العناية بالأم وادخال السرور عليها بالعطية والاهداء والتكريم من مستلزمات هذا البر الذي هو فريضة في الدين، لا يستنكف منها الا جاحد لا يرعى الله حقاً، ولا لمن أمره ببرهما براً فهو عاق عقوبته عنده شديدة، قد يراها في الدنيا، حينما يرزق بأبناء فيعقونه كما عق والديه أو أكثر من ذلك وعقوبة الآخرة ولاشك اشد وأعظم.
ومادام الأمر كذلك والبر لهما وللأم خاصة طاعة لله، فما الضرر اذا خصت بيوم في السنة تقدم فيه لها الهدايا ويجتمع الأبناء عندها ليدخلوا السرور عليها، ويقدم المقيم بعيداً عنها إليها، وتنعم برؤياه وينعم ببرها، نعم هو مطالب بالبر بها عبر كل الايام والشهور والاعوام، ولكن ذلك لا يمنع التخصيص بيوم كما نفعل اليوم بتخصيص يوم للمرور وآخر للمعلم وهكذا فالأم أحق بذلك ممن سواها، والحجة الواهية ان غير المسلمين يهتمون بيوم للأم فان فعلهم هذا لا يمنعنا من برها في هذا اليوم ، فاذا فعل غير المسلمين الخير لا يقتضي ذلك منا مخالفتهم فيه لا عقلاً ولا شرعاً.
ثم ان محاولة التحريم بلا دليل ولا اجتهاد صحيح إنما هو تألٍ على الله لا يصح من مسلم عاقل يعلم أحكام الدين ويقف عندها، فهل ندرك هذا هو ما أرجو والله ولي التوفيق.

عن عبدالله فراج الشريف

تربوي سابق وكاتب متخصص في العلوم الشرعية كلمة الحق غايتي والاصلاح أمنيتي.

شاهد أيضاً

صورة مقالات صحيفة المدينة | موقع الشريف عبدالله فراج

إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس

الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: