إن فرصة بقائنا في البيوت التي دُعينا إليها منذ إعلان الحجْر المنزلي في مدننا خشية شيوع مرض كورونا، هي فرصة من أثمن الفرص في حياتنا لمراجعة النفس في البعد عن هذه الجنان في منازلنا التي فيها من نحب وانشغلنا عنهم بكثير من الهم الدنيوي الذي نشتطُّ في ملاحقته كل يوم لجمع المال، ما نظن أننا سنرقى به الى الغنى، والذي قد لا يأتي لضعف قدرتنا على تحصيله، ولكنا نفتقد أن نكون قريباً ممن نحبهم، بل لعل بعضنا ينساهم في شدة خوضه البحث عن متع الحياة، ولكن اليوم سنحت الفرصة أن نجدد العهد بهم وبما انقطع من الاتصال المستمر بهم من آباء وأمهات وأجداد وجدات وزوجات وأبناء ممن يجمعهم بيت واحد أو بيتان متلاصقان أو أكثر ونتذاكر معهم ما يحبون ويحنون إليه من اللقاء بنا والاستمتاع بحديث يجمعنا بهم وبمودة نحييها بعد أن أماتها الكدح في هذه الدنيا، وأن نجدد من العواطف ما كاد أن يجف بالانشغال عن بذله لهم، فنحيا جميعاً أياماً وليالي نحيي ما أماته فينا انشغالنا في السعي وراء الدنيا، وما نهوى أن يكون لنا منها، وفي هذا أيضاً تجديد للعهد لله عز وجل صلاة وتلاوة ودعاء مستمراً لا ليُزيلَ فقط ما حل بأرضنا من هذا الداء الخبيث بل وليعيد الله الينا الصلة الدائمة والخشية له، وأن نذكره أطراف الليل والنهار ونكون في معيته في الأوقات الفاضلة، وأن نتلو كتابه، ثم ألَّا ننسى الدواء الذي يشفي الأنفس من أسقامها وعللها وهو أعظم العبادة وأمثلها كما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الدعاء، وهو وحده الذي يرد عنا الكوارث مهما عظمت ويمنح النفوس الصلة بالله والخشية منه بانكسار النفس والصلة بالله وحده القادر على إنقاذها من كل ما يضرها، فهل نفعل؟.. هو ما أرجو، والله ولي التوفيق.