حينما قرأت هذه المقالات التي لا تزال تنشرها صحفنا المحلية، حول بيان بعض المثقفين حول الاحكام التي اتخذت ضد من عرفوا بمعتقلي جدة، من سجناء الرأي، الذين لا يتجاوز ذنبهم حقهم في إبداء الرأي، الذي هو حق أساسي للإنسان تعترف به المواثيق الاممية، وهو حق له في الشرائع الإلهية، و القوانين الوضعية، و حول الاحداث التي جرت مؤخرا في جزء عزيز من هذا الوطن بلدة القطيف، من المنطقة الشرقية، و الذي لم يقفوا فيه مع طائفة ضد أخرى، وأدانوا العنف من أي جهة صدر، تذكرت على الفور حال صحافتنا في زمن مضى، حينما كانت تصدر وكأنها نسخة مكررة،
فجميع الأخبار المنشورة فيها بعناوينها مصدرها واحد، و وكالة الأنباء السعودية، فلم يكن يسمح لها – آنذاك- أن تنشر خبرا من أي مصدر سواها، ثم تذكرت هذه التوجيهات التي تصل إلى الصحف باستمرار تحذر أن يكتب كتابها في هذا الموضوع أو ذاك، وتوجههم لكتابة في موضوع محدد أو الكتابة ضد موضوع أخر يحدد لهم، و هذه التوجيهات لا تزال تصل إلى الصحف كل يوم، ويبلغ بها كتابها، منهم من يوافق و هم الكثرة، و منهم من يرفض وهم القلة، الذين لا يرتضون التعليق إلا على كل ما أطلعوا عليه فعلا لا ما يوجهون إليه، فحزنت أشد الحزن للحال الذي وصلت إلية صحافتنا، فكل تطور حدث فيها أُفسِد، و عادت بعده خطوات إلى الخلف، و حينما عدل نظام المطبوعات مؤخرا، لا حظ الجميع أن بعض الحرية التي أتيحت للصحف في نقد بعض الاوضاع اختفت من الصحف تماما، و ها هي تجد لها هذه الايام موضوعا لنقد النقد تتوسع فيه، فهذا الاسبوع الثالث، و هي تجند كتابها و ضيوفها ليكتبوا عنها معارضين له، و قلت: قد قيض الله لهذه النخبة التي وقعت على هذا البيان المستهدف بكل هذا من ينشر خبر بيانها في كلا الأرجاء، فلم يكن ليعلم به كل الناس لو لا هذه المقالات و اللقاءات التي نشرتها صحفنا المحلية، و تداولتها عنها وسائل الاعلام بكل أنواعها داخلية وخارجية في فترة وجيزة، ز ما كان أحد من الموقعين يطلب أكثر من هذا، و الذين كتبوا و لا يزالون يكتبون عنه فيما يشبه الاشاعات التي لا يمكن لعاقل أن يصدقها، إلا إن كان قد اعتبر هؤلاء الموقعين قد تخلوا عن عقولهم، و حاشاهم أن يكونوا كذلك، فكلهم وافر العقل، محب لوطنه، مخلص لله في الدفاع عنه، لا يرتضي له ضررا، هؤلاء الذين يكتبون عن هذا البيان و موقعيه، أجزم أن جلهم لم قرأوه، و يذكرني هذا بقول سيدي رسول الله – صلى الله عليه و سلم:(خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم إن بعدكم قوما يشهدون و لا يستشهدون، ويخونون و لا يؤتمنون، و ينذرون و لا يوفون، و يظهر فيم السمن)، و إنما نفذوا ما أمروا به، و قلد بعضهم بعضا، فهم حكموا على أمر لم يطلعوا عليه أصلا، و لو سألت أحدهم هل اطلعت على ما جرى في محاكمة معتقلي جده، هل قرأت لائحة الادعاء الذي قدمتها هيئة التحقيق و الادعاء، و التي جاءت في 133 صفحة، و التي لا يمكن أن تقام البينة على سطر واحد منها، و هل قرأ ملخصات التحقيق مع هؤلاء المعتقلين و هل حضرت محاكمتهم، لأجابك عن كل هذا بأنه لم يطلع و لم يعلم، ثم أين هي حيثيات الحكم عليهم، وهل ستنشر، كل هذه أمور لم يعلمها هؤلاء المتبارون لبث هذه الاشاعات المغرضة عن البيان و موقعيه، وعن من حكم عليهم، ولم يحدثنا هؤلاء و لن يستطيعوا عن أين وجدوا في البيان الدعوة إلى الفتنة كما يزعمون، وأين وجدوا المساس بالوحدة الوطنية وكل ما سأقوه في كتابتهم، و هل يظن هؤلاء أنهم لن يحاسبوا على مثل هذا فطمس الحقائق لن يستمر طويلا، و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، و كثير من هؤلاء عرفنا عنهم الكثير مما يضاد الأفكار التي يكتبون عنها، تكشفهم مجالسهم الخاصة، حيث يقولون في العلن غير ما يبطنون، و هم الذين ضررهم على الأمة و الوطن عظيم، أما من يجهر برأيه فلا خطر منه أبدا، لأنه إن كان على صواب فإتباع الحق أولى، وإن كان أخطأ فالرد عليه سهل، و لا يحتاج أن يحشد له الناس ليخطئوه، و لعل صواب الرأي هو ما يدفع من كان على ضده أن يستكثر من الأقوال و الاشاعات عله يشوه سمعته فلا يصغى الناس لصوابه، فاللهم الهمنا و اخواننا الحق و ارزقنا اتباعه، و أرنا الباطل باطلا و ارزقنا اجتنابه.