إن الإرهاب -الذي ابتُلي به عالمنا اليوم كظاهرة شريرة تقضي على أمن المجتمعات واستقرارها- يجد له أعوان خفيّون في سائر دول العالم، يُدرِّبون له أفراده على القتال وعلى مختلف الأسلحة، فمن غير المعقول أن يستخدم مراهقون صغار السن -في الغالب لم يتموا دراستهم- كل ما أنتجته مصانع الأسلحة مما يفتك بأرواح البشر ويهدم كل ما بنوه من حضارة في هذا العصر، ويجدون من يمدّهم بالأموال حتى يسيطروا على مدن بل ومحافظات لها ثروات يُخضعونها لسيطرتهم، ثم يستخدمون ما فيها من ثروات في سائر أنشطتهم، كما حدث في العراق وسوريا ثم ليبيا، وما يقوم به الإرهاب اليوم في كل بقعة وصل إليها من جرائم بشعة تجاوزت كل ما عرفناه من قبل، جرائم قام بها بشر، مهما انحطت غرائزهم وفقدوا مقومات إنسانيتهم، ومواجهة هذه الجرائم البشعة، وقد انتشرت في العديد من البلدان، تحتاج من الشعوب أن تقف صفًا واحدًا بكل فئاتها، مهما كان الاختلاف بينها، وأن تصون وحدتها الوطنية ولا تُعرِّضها لأي تصرُّف يمكن من خلاله كسرها، ليتخلل الإرهابيون من خلال ضعفها، وما ينتجه كسرها للإرهابيين من التسلل إلى أوطاننا، فالإرهابيون بجميع أصنافهم ومسمياتهم كانوا دومًا يلعبون على اختلافات تقع بيننا، حتى نجد بيننا أحيانًا من ينعتهم بالجهاديين، أويُبرِّر لهم أفعالهم سواء بنسبتهم إلى الفقر، أوتبرير فعلهم بحماس شباب يرون أنه يعتدى على المسلمين من الدولة الصهيونية أوبعض دول الغرب، ومن المبررات ما يظهر منذ ظهور أول جماعة إرهابية على أرض المسلمين في العصر الحديث، والحديث الدائم عن الحكم بغير ما أنزل الله، والاستغراب والعلمانية ثم نحل ومذاهب سياسية يدّعون أنها مستوردة، وقد بدأنا نسمع هذه الأيام بمقارنات بين علمانية وعلمانيين وإرهاب وإرهابيين، رغم أنّا توصلنا منذ زمن طويل أن تصنيف بعض المواطنين بأنهم علمانيون أوليبراليون، وكما كان يُقال قوميون واشتراكيون ويساريون إنما يراد منه تفتيت المجتمع وإضعاف تماسكه، حتى لا يقف أبناؤه جميعًا صفًا واحدًا في وجه أعداء الوطن، ورحم الله خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، فقد كان ينهى عن التصنيف لإدراكه خطورته، وأظننا جميعًا نُدرك أن التصنيف على هذه الصورة -الذي لا يعتمد على معلومات حقيقية- إنما يؤدي إلى عداء بين فئات من المجتمع، قد يؤدي العداء بينها إلى خطر حقيقي، فالذين يعيدون اليوم عند الحديث عن الإرهاب حديثًا آخر عن التصنيف، مثلما سمعنا أحدهم يقارن بين الإرهابيين والعلمانيين، ويرى أن أحدهم أقل خطرًا من الآخر، فمتى يكف هؤلاء عن هذا العبث؟!.