إنّ بقاء الموظف العام في منصب قيادي أو إشرافي كالوزير ونوابه ووكلائه، ورؤساء الأقسام في وزارته، وغيرهم ممن لهم التأثير البالغ في ما تقوم الحكومة تجاه الوطن والمواطنين من أعمال وخدمات، وما تعد من خطط لذلك عبر الزمن، أقول إن بقاءهم في المناصب دون أن يغادروها أزماناً طويلة، قد لايكون هو الأمثل لتحصيل تأثيرهم المبدع إذا اختيروا للمنصب بمواصفات تؤهلهم له، فإن البقاء في المنصب طويلاً يعود على الموظف بأن يعتاد العمل الروتيني اليومي المعتاد، فيفضل أنه منوط به التجديد والابداع في مايقوم به من عمل، لا أن يعتاده إلى درجة الجمود على حالة واحدة لا تتغير، وقد لوحظ على من استمروا عقوداً في وظائفهم تسرب إليهم الملل، فلم يعد لديهم القدرة على الانتباه لما يصدر عنهم من قرارات، ولهذا كانت المناصب في جل دول العالم لإشغالها مدداً محددة، ما أن يتمها الموظف، حتى نقل إلى عمل آخر، ليحل محله آخر يجدد العمل في الإدارة التي ترأسها ويحدد لها الأساليب، وكان قد صدر أمر بأن تكون مدة عمل الوزراء في وزارتهم وكذا شاغلي المرتبة الممتازة أربع سنوات يصدر بعدها أمر بمد أربع سنوات أخرى لهم إذا كان عملهم جيداً وإلا يعين بدلاً عنهم غيرهم، ولكن هذا الأمر لم يستمر طويلاً، وأصبح التجديد آلياً، واستمر بعض الموظفين في مواقعهم عقوداً، وكأن ليس في البلاد سواهم من هو جدير بأن يقوم بالمهام التي أسندت إليهم، والمصلحة تقتضي دوماً تجديد الدماء، واتاحة الفرصة لكل ذي مؤهل لعمل أن يمارسه ، فلعله يجدي أكثر من غيره إذا كان كفؤاً مبدعاً ، ولهذا فنحن نلاحظ في بعض الأحيان أن مؤسسات وإدارات يكاد نشاطها أن يتوقف، بل ويعتري العمل فيها الكثير من البطء، بل والأخطاء أحياناً، ذلك أن اوضاعها جمدت في ظل موظف عام يشرف عليها، لم يعد لديه أي جديد يقدمه، ولا أظن إلاّ أننا جميعاً ندرك الحاجة إلى دفع الدماء الجديدة إلى أجهزتنا الإدارية كلها في شتى الوزارات والمؤسسات الحكومية ، فهل نجدد لها الدماء وهو مانرجو والله ولي التوفيق..