للشاعر والروائي الفرنسي فيكتور هيجو رواية بعنوان (مذكرات محكوم عليه بالإعدام)، وهي مسرحية تخدم فكرة جدلية في فرنسا لم تغب عن مقدمة المسرحية، حيث يقول مؤلفها: (ويستطيع المؤلف اليوم أن يكشف النقاب عن الفكرة السياسية والاجتماعية التي أراد أن يروِّج لها في هذا القالب الأدبي الساذج البرئ، فهو يعترف أو بالأحرى يعلن بصوت مدوِّي وعلى رؤوس الأشهاد أن كتاب «آخر أيام محكوم عليه بالإعدام» ليس دفاعًا مباشرًا أو غير مباشر إن شئت عن إلغاء عقوبة الإعدام)، وهي فكرة ظهرت عام 1813م، كما يشير المؤلف، وقد ضمَّن المسرحية دفاعه عنها، وهي لا تزال فكرة جدلية لم تتقرر بعد، وساق الحجج من أجل ترويجها، وهي وإن كانت ككل أعمال هيجو الروائية إلا أنها دفاع غير موفق عن فكرة لا تثبت أمام «الجدل علميًّا كان أم قانونيًّا فلسفيًّا»، لأن ما يساق من أجل إلغاء عقوبة الإعدام في القوانين الغربية اعتمد على أسلوب أديب يصور العقوبة في أبشع صورها حينما كانت المقصلة أداتها الرئيسة، وهي الجهاز الذي يعد لفصل رأس المحكوم عليه عن جسده عبر سكين صلبة من الفولاذ تسقط من أعلى على رقبة المعدوم فتفصل رأسه عن جسده، في صورة يزيدها المؤلف بشاعة حينما يروي أنها تعطلت فتكرر إسقاطها على رقبة من حُكم عليه بالإعدام مرارًا ولم تفلح في فصل رأسه عن جسده مما يزيد في تعذيبه، ويسوق تجارب من هذا النوع يزعم أنها حدثت؛ ليجعل من حكم الإعدام شيئًا بشعًا لابد من إلغائه.
وفي الإسلام حكم القصاص يعتمد المماثلة بين ما فعل الجاني بالمجني عليه بعدل وإنصاف، جاء في نصوص قطعية في كتاب الله مثل قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى)، وكُتب بمعنى فُرض، فهو فرض في الإسلام أن من قتل يُقتل، وعلله ربنا بقوله: (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب)، وليس مثل القصاص رادعًا لأبشع الجرائم، وهي الاعتداء على النفس الإنسانية بإزهاقها، لذا قال ربنا (ولا تقتلوا النفس التي حرَّم الله إلا بالحق ومن قتل مظلومًا فقد جعلنا لوليه سلطانًا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورًا)، وما غاب القصاص عن ساحة القضاء إلا وأصبحت جريمة القتل منتشرة، فكتب الله القصاص كما قال سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا يجب أن تأخذنا رأفة بالجاني وننسى ما عانى المجني عليه، ولا تزال عقوبة الإعدام معمولًا بها في كثير من قوانين الدول لما لها من ردع مباشر عن جرائم القتل، ولا يعنينا أن ينادي الغرب بإلغائها، فهي عقوبة باقية في الإسلام حتى تقوم الساعة، فهل نعي هذا؟ هو ما أرجوه والله ولي التوفيق.