في مساء يوم الثلاثاء 26/ 2/ 1434هـ استمعنا إلى الدكتور سعد البازعي الناقد والمفكر يحدثنا عن السلطة والثقافة ومواجهة النص في محاضرة قصيرة غير مكتوبة، قسمها إلى جزءين، أحدهما نظري معرفي، والثاني تطبيقي، وقد استمتعنا بما ضربه من أمثلة لهذا التطبيق من نصوص أدبية روائية ومجموعات قصصية ومن قصائد شعرية، وأثرى المحاضرة مداخلات عديدة لم يسعف الوقت لاستكمالها، وتمنيت لو أن المحاضر فيما استعرضه من سلطات متعددة كالسلطة الثقافية والسياسية والدينية والاجتماعية أن يضيف إليها السلطة الأخطر في حياتنا الثقافية والتي تفسد علينا الجو الثقافي والمعرفي، وأعني بها سلطة شهوة الكلام التي لا يستطيع بعض مثقفينا التخلص منها، رغم ما يشعر به بعد استعماله لها من استصغار لما فعل، لانه لم يدفعه للحديث في موضوع لا يملك عنه معلومات اي سبب، وانما دفعه الى الكلام فيه شهوة متحكمة في نفسه ان يقول وان يتحدث ولو لم يعد للحديث عدته “ولا اقول اقرأ كتاباً” في الموضوع، بل ولا مقالاً واحداً، فأنت اذا تابعت ما يجري في الساحة الثقافية وجدت لهذا نماذج صارخة، فهذا يطلب مداخلة على مادة معرفية في محاضرة أو ندوة، فإذا حديثه يأتي بعيدا عن تلك المادة ولا يمت لها بصلة، وهذا يعلق على مقال في صحيفة فتقرأ التعليق فلا تجد له صلة بالمقال ابداً، وهذا يعتلي منبراً ليتحدث في قضية لا يعلم عنها شيئاً، وكم سمعنا خطباء ينذرون بالويل والثبور لما لم يحدث، وكم قرأنا مقالات تحدث اصحابها عما لا يعرفون، المهم ان يكتبوا وتعلو مقالاتهم صورهم الشخصية فسلطة شهوة الكلام التي تتحكم في بعض مثقفينا تدمر ثقافتنا وتعرضنا عبر العالم الى ألوان من السخرية، ومنها هذه الكتيبات التي تعلو أرفف المكتبات التجارية بأعداد قليلة، تمضي السنون وهي لم تغادر مكانها حتى يمل المسؤولون في تلك المكتبات فيطالبون مؤلفيها بأن يحملوها الى مكان آخر يسترونها فيه، وما لم نعالج هذه الفئة نفسياً ويتخلصون من هذا الداء فثقافتنا …. تكون ثقافة سطحية لا تفيد أحداً، فهل نفعل هذا ما أرجوه والله ولي التوفيق.
Check Also
إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس
الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …