لا أحد يشك أن أحكام الاجتهاد قد استقرت في كتب الفقه في المذاهب الأربعة، ولا تحتاج إلى مزيد، فالجهاد فريضة في كتاب لا ينازع أحد فريضته في الوقت الذي يكون له فيه ضرورة شرعية، وهو بنوعيه جهاد الدفع ولعله الأصل وجهاد الطلب، ولكل شروط وضوابط، ومجال ذلك علم قيده المجتهدون الأوائل من القرون الأولى ثم فصله من بعدهم، ولكن الجهاد لا يقتصر على القتال فقط فله غيره أنواع كثيرة ، عل بعضها أهمله مسلمو العصر فلم يعدوا يذكرونه، فالجهاد بالعلم، الذي يقوم به العلماء لبيان أصول الاسلام وفروعه، قيمه وآدابه، محاسنه وتسامحه، وسطيته واعتدال أحكامه ، لم يعد أحد يلتفت إليه إلا ما ندر، وجهاد النفس بمنعها من ارتكاب المحرمات واتباع الهوى، وإلزامها بحسن الخلق وحسن التعامل، أمر نسيه كثير من الناس، والجهاد بالمال بإعانة المجاهدين في ساحات القتال المشروعة، وانفاقه في وجوه البر الذي تنتفع به الأمة ويجاهد به لإزالة أشد أمراض الأمة فتكاً بها الجهل والمرض والفقر، ومعنى هذا ألاّ ينصرف الأمر كله إلى الجهاد بمعنى القتال، فإن القتال للكافرين وهم يعتدون على المسلمين إذا كان ضرره أكبر من نفعه أمكن تأجيله والتصالح معهم انتظاراً للعهد الذي يقوى فيه المسلمون عليه، وأما تعليم الناس أحكام الجهاد فقد كان في الماضي لازماً للناس كلهم، لأنه ليس للمسلمين جيش معد للقتال، فكلهم يقاتل عند الحاجة، بل ويشتري آلة القتال من ماله، وعندما استقر الأمر أن تعد للقتال جيوش ينفق عليها وتهيأ لها آلات القتال أصبح تعليمهم أحكام الجهاد فريضة، وطلبه من غيرهم فرض كفاية، فما بالك بأن يعلم صغار السن أحكامه وبعض المعلمين لا يؤمن على تعليمه لهم بالصورة التي تجعلهم يعرفونه دون شطط، وحتى لا نعود إلى زمانٍ تركنا الأنشطة المدرسية يقوم بها كل معلم مهما كان تخصصه فألقى في روع بعض مراهقينا فكر الحاكمية الذي حرضهم على قتال مجتمعهم المسلم باعتباره قد ارتد إلى الجاهلية وعانينا حنيئذٍ من فتية أضلوا فامتهنوا التكفير والتفجير، فخسرناهم وخسرنا أرواحاً بريئة لا ذنب لها سوى أن غسلت أدمغة مراهقين فظنوا المسلمين كفاراً فقتلوا ودمروا، فهلا أدرنا هذا.. هذا هو ما أرجو والله ولي التوفيق..
الوسومأحكامه الجهاد الحاجة الوهم
شاهد أيضاً
إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس
الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …