العلوم الإسلامية الأساسية، كلها اعتمدت في فهمها على علوم اللغة العربية التي نزل بها القرآن، فتعددت علومها من بلاغة ونحو وصرف وسائر علوم العربية، فربنا عز وجل يقول: (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ ، لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ) ويقول عز وجل: (وَإِنَّهُ لَتَنزيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ، عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ، بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ)، وهي اللغة التي نزل بها القرآن الكريم، وهي لغة السنة النبوية، فالنبي الكريم صلى الله عليه وسلم إنما نطق بلغة العرب، وهي الحكمة التي أوتيها مع القرآن الكريم سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهو يقول (ألا أني أوتيت القرآن ومثله معه)، فالسنة وحي ثانٍ وهي الأحاديث التي ثبتت عنه صلى الله عليه وسلم صحيحة لاشك في نسبتها إليه.
وقد وردت الأحاديث مفسرة للقرآن الكريم ومبينة لأحكامه في فرائض الإسلام: صلاة وزكاة وصيامًا وحجًا وغير ذلك من أمور الدين والدنيا، بها أكمل الله على لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم- شرائع الإسلام، فقد جاءت على لسان رسوله إكمالاً للرسالة وتمامًا للبلاغ، وهو صلى الله عليه وسلم يعبر عن ذلك بالأحاديث التي بينها للأمة قولاً وفعلاً وتقريرًا، وكل هذا داخل تحت قول الله عز وجل (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى، مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى، وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى)، فحفظ الله كتابه بسنة نبيه، وإن جهل الجاهلون، وبها أتمَّ وأكمل شريعة الله وبلَّغها، فالله عز وجل أوحى إليه القرآن وأيضًا السنة وهي الأحاديث، فالله عز وجل يقول (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)، فالله أوحى إليه القرآن وأيضًا السنة وهي الأحاديث التي ثبتت عنه صلى الله عليه وسلم فيما يتعلق بالصلاة والزكاة والصيام والحج، وغير ذلك من أمور الدين والدنيا، فالسنة وحي ثانٍ أوحاه الله إلى نبيه لإكمال الرسالة وتمام البلاغ، وهو صلى الله عليه وسلم يعبر عن ذلك بما ورد عنه من الأحاديث الصحيحة قولاً وفعلاً وتقريرًا، والذين ينكرون السنة إنما ينكرونها لجهلهم بالإسلام وحقيقته، وهؤلاء الذين يحكمون على السنة كلها بالوضع مجموعة من الجاهلين الذين لا علم لهم بدين ولا دنيا، ودليل ذلك أن أكثرهم لا يحسن تلاوة آية تلاوةً صحيحة، ولا ينطق بحديث بصورة صحيحة، وما ذاك إلا لجهله لسائر علوم الدين وأدوات فهمها وهي اللغة العربية، ولن ترى متبعاً لهؤلاء إلا جاهلاً مثلهم جهلاً حقيقيًا لعلوم الدين وعلوم اللغة العربية وأصول الفقه، وسائر العلوم المأثورة عن الصحابة والتابعين، همُّه إنكار حقائق الإسلام واتباع كل ناعق يريد هدم الدين، وهيهات أن يفعل فما أرسل الله رسوله بهذا الدين إلا ليبقى.