لاشك أن الإسلام دين الفضائل والأخلاق الرفيعة، فمن يقرأ القرآن سيجد أكثر آياته تحثّ وتحض على الفضائل والأخلاق الكريمة، فما تتصفح صفحة منه إلا وتجد ذكراً لإحدى فضائل الأخلاق، ورسول الإسلام نبي الرحمة منذ أن بُعث قال إنه إنما جاء حصراً ليتم لأمته مكارم الأخلاق، ولعل هذا ما جذب الناس في سائر الأقطار التي بلغتها دعوة هذا الدين إليه فاعتنقوه فرحاً به، وبما جاء به من الأحكام والمقاصد، فالإسلام كله خلق، وسيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حث على حسن الخلق فقال: (إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجات الصائم القائم) فجعل مكارم الأخلاق مساوية لدرجات لا ينالها إلا العباد الصائمون جُلّ الزمان، القائمون بين يدي ربهم جُلَّ لياليه، وهو أمر ليس لأمة غير أمة الاسلام أن تصل إليه، ومن داوم تلاوة القرآن الكريم والعمل بما جاء فيه لتجدنّه أفضل الناس خلقاً وأكرمهم تعاملاً مع الخَلق، ولذا شاع عن الإسلام في زمانه الأول الثناء على أهله لحسن أخلاقهم وللطافةِ تعاملهم، وكم من مؤمن جذبه الى الإيمان بالإسلام خلق رجل مسلم.
ولما أصبح الإسلام معلومات تتردد بالألسنة لا روح فيها، ولا يُستحضَر سلوك قويم بها رأيت الأمم من حولنا لا يقبلون على الإسلام ولا تنفعهم إليه دعوة، لأنهم يرون في خلائق من يخالطون من أهل الإسلام بعداً عن فضائل الأخلاق، إن لم يروا منهم إقبالاً على الرذائل. وغير المسلم إذا زار بلاد الاسلام ورأى تعامل المسلمين فيما بينهم في الغالب لا رحمة فيه ولا حسن خلق لم يقبل على دينهم، فعلاوة على ما فرّطوا فيه من أمر دينهم، جاء سلوكهم موافقاً لغير الإسلام، فلم تر الأمم من حولهم فرقاً بينها وبينهم، بل لعل بعضها تجد الفارق بينها وبينهم عظيماً، فلها من قيم الحياة ما يربو على ما عند المسلمين منها، إن بقى شيء منها عندهم، وهو الأمر الذي يجب أن ينتبه اليه المسلمون اليوم انتباهاً عظيماً وإلا فانهم كأمة ستضعف بين الأمم وتُحتقَر. ولعل ما أصاب المسلمين اليوم بتفريطهم في أخلاق وقيم دينهم، وإعجابهم بقيم سالبة من الأمم الأخرى، خاصة الغرب، فأخذ الضعف فيهم يتوالى حتى انتصر عليهم من هم أقلُّ الناس تمسكاً بالأخلاق وهم الصهاينة، ومن سوء ما أصاب المسلمين أن تجد اليوم منهم من محطُّ إعجابه الصهاينة، وما يقومون به من أفعال، وقلَّ أن قاموا بما فيه نفع للبشرية، فاحرصوا أمة الإسلام على التمسك بأخلاق دينكم تحوزوا على إعجاب الأمم من حولكم.