موقف الدين من العلم بكل أنواعه، إذا كان علماً حقيقياً، واضح وصريح، ولو أخبر عن شيء لم يقع إلا بعد آلاف السنين، فهو واقع حتماً، وإن تطاول به الزمن قبل حدوثه، وما سيراه البشر ويتكرر عبر السنين هو بذاته أو ما يشبهه، لكن أن يتوقع أحد من البشر بوقوع أحداث في زمن ما، فلا تقع فيه، ثم يتكرَّر الزمن ولا تقع، فليست ولاشك بعلم، ومنها التنبؤات بما يقع في حياة الإنسان منسوباً لأحداث تقع في الأفلاك أو الأبراج، مما يضحك به الفلكيون القدماء والمحدثين على الناس بما يدّعون به من قراءة ما يقع في حياة الأفراد، وكذلك ادعاء أحد أن كل ما يتنبأ به يقع، لمجرد أنه توقع أحداثاً فوقعت، ويظل يضحك على الناس بذلك على مر السنين، ويُلمَّع صحافياً وإعلامياً فتستضيفه القنوات والإذاعات ويهذي بما لم يقع، ويتكرر ذلك عبر السنين، مع أن ما يتحدث عنه نادر الحدوث، فما يوافق ما تنبأ به مثل هذا صدفة، لا يعني أن له قدرات عجيبة تكشف له كل ما يقع في المستقبل، ولكنها كم من الخيالات لها مروجون عبر الصحف، ومختلف وسائل الإعلام، والغريب أن تجد الناس أشد تعلقاً بها في الغرب، الذي يدعي أهله أنهم العلمانيون، والإنسان مغرم بكشف ما غاب عنه، فيسعى لكشفه، لذا يلجأ الإنسان إلى العرافين والكهنة، لمعرفة ما غاب عنه، مما يوافق أحياناً ما يقع له، فيظن أنهم لا يقولون إلا صدقاً، وهم إنما يكذبون عليه، حتى وإن وافق كذبهم أحياناً واقعاً، فهم يكذبون مئات الكذبات ولا يصدق منها إلا واحدة أو اثنتين تشيع عنهم، فيصدّقهم الكافة، وهكذا هي صناعة التنبؤات التي تملأ الأرض، وتجدها عند قراء الحظ ومن يتنبؤون عبر الأفلاك وكذلك من يتحدثون عن ذلك بحساب الأبراج، وكل هذا كذب، حتى وإن صدف الواقع منهم واحدا، فبعض ما يقع للناس قد يوافق ما تحدث به، أو ناله شيئاً مما يقولونه، ولعل قاعدة الاحتمالات عند الرياضيين تُحدِّثنا عن ذلك، فمن تتبع هذه الاحتمالات عرف أن ما يقوله قد يوافقه أحد غيره، مهما كان بعيداً عنه.