لقد ظل حزب الله يعطل الحياة السياسية بل والاجتماعية القائمة على التعايش بين الطوائف في لبنان ..
تراجع كل من وثقوا بمواقف حزب الله اللبناني حينما كان يعلن أنه يقاوم المحتل الإسرائيلي, وأنه يؤيد مواقف الفلسطينيين, خاصة فصيل حماس, ولم يصدقه الكثيرون في عالمنا الإسلامي وإن فرح البعض بمواقفه, ورغم أن ما أعتبره انتصاراً في لبنان أدى إلى كوارث, ذاق حسرتها هو والمنتمون إليه من طائفته في حرب 2006م فقتلى اللبنانيين تجاوزوا 1200 قتيل, وجرحاهم تجاوزوا 4400 جريح, ودمرت في لبنان 78 جسراً ومن المنازل 28 ألف منزل, غير المنازل المتصدعة والتي تحتاج إلى ترميم, والبنية الأساسية في مواقع متعددة نالها الخراب, وتعطلت الحياة في لبنان منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم, وقد وجه حزب الله إلى إسرائيل خمسة آلاف صاروخ لم تؤد إلى شيء سوى قتل 140 من العسكريين الصهاينة وأربعين مدنياً, ولم تتأثر البنية الأساسية في إسرائيل, وظل الحزب يصدع رؤوسنا بقضية هذا الانتصار المزعوم, وظلت ماكينته الإعلامية تحاول غسل الأدمغة ألا مقاوم سواه, رغم أن العقلاء في الطائفة التي ينتمي لها أخذوا يحذرونه من السقوط في هوة الغرور والاستكبار على مواطنيه ولكنه لم يرتدع, وظل يعطل الحياة السايسية بل والاجتماعية القائمة على التعايش بين الطوائف الذي اشتهرت به لبنان, ومع ذلك ظل البعض يوليه ثقته حتى في منطقتنا الخليجية, وشاء الله عز وجل أن يثور الشعب السوري على أقبح نظام وجد على وج الأرض, جعل شعبه سجيناً فمن يعارض ظلمه وقمعه يقتل أو يسجن مدى الحياة ويعذب ففر من السوريين أعداد متكاثرة لتعيش في دول آمنة عربية وأوروبية, ولأن حزب الله يلتقي مع هذا الحكم في منهج واحد وينتمي إلى نفس الطائفة مع بعض الاختلاف اليسير, ظل الحزب عبر عامين مؤيداً له إعلامياً,
وعملياً على الأرض إلا أنه لم يظهر بوضوح اشتراكه معه في معاركه البشعة ضد شعبه, حتى طلع علينا رئيس الحزب يجهر بقتال رجاله مع رجال النظام البشع في سوريا دون حياء, وإذا كان النظام السوري أمده بسلاح كانت ترسله إليه إيران عبر سوريا, فإننا لم نعد نخدع,
فالسلاح ليس للمقاومة وإنما للسيطرة على مفاصل الحياة في لبنان انتظاراً لقيام الدولة العلوية في سوريا لتتم الوحدة حينئذ بين طائفته والطائفة العلوية, ولم يعنه قط المقاومة للاحتلال الغسرائيلي, الذي لم يتأثر حتى اللحظة بكل هذا الشغب الذي مارسه هذا الحزب, وأنا هنا لا أزال أعتقد أن جموع الطائفة الشيعية التي تعايشت مع الطوائف الأخرى في شتى الأقطار الإسلامية لا تؤيد مسلكاً كهذا تعرف أن نتائجه سيئة عليها, وحينما تحدث سماحة المفتي أن حكومة بلادنا ظلت منذ النشأة وحتى اليوم تناصر كل قضايا المسلمين ولا تفرق بينهم فإنما يعلن حقيقة يعلمها المواطنون في سائر دولنا الإسلامية ويتأكدون من ذلك إذا زاروا بلادنا لأداء الحج والعمرة, بل وتؤيد كل القضايا العادلة لشعوب العالم, ولم تكن منحازة لأي سبب من الأسباب, وأما عن الدكتور يوسف القرضاوي وعودته عن خطأ ارتكبه من قبل حينما ظل مؤيداً لهذا الحزب زمناً ولم يكتشف أنه لا يسعى كما يدعي لنصرة القضية الفلسطينية بقدر ما كان يريد أن يفرض سلطته على لبنان, فلا أظن هذا إلا عودة إلى الحق.
واختم مقالي هذا أنني لم أكن قط إلا متسامحاً وسطي الفكر أتمنى للأمة المسلمة أن تكون يداً واحدة على عدوها, ولكني أكره الظلم وأقف منه موقفاً حازماً من أي جهة وقع, فالظلم ظلمات, وربنا حرم على نفسه الظلم وجعله بيننا محرماً, فنهانا عن أن نتظالم, وبالعدل وحده تبنى الأمم,
نسأل الله أن يرد كل ضال إلى هدى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فهذا ما نرجو والله ولي التوفيق.