من يعرف تاريخ حكم الحزب الواحد، الذي اجتاح عالمنا العربي كله في الفترة الماضية التي كانت أسوأ أزمنة الاستبداد على الإطلاق، التي مرت بها أمتنا عبر الزمان، يدرك مقدار ما تعرضت له بعض شعوبنا العربية من قمع شديد، كانت آثاره مدمرة على الحياة في أوطان تلك الشعوب، ومنذ سيطرة حزب البعث في سوريا على مقاليد الأمور هناك ،
والمظالم تتراكم عبر الزمن، وحينما تاق الناس إلى الحرية والكرامة، وانتفضوا سليماً يطالبون بها، بدأ النظام المستبد يتحدث عن مؤامرة خارجية تستهدفه، وأصبح المتظاهرون الذين تحصدهم آلته العسكرية كل يوم مسلحين خارجين على القانون، يعاملون بمنتهى القسوة، وكل الأنظمة القمعية التي ابتليت بها بعض شعوبنا العربية دائماً تتحدث عن مؤامرة لا وجود لها تستهدفها، وتجعل ضحايا قمعها أدوات لهذه المؤامرة لتمضي في ممارسة أشد القسوة ضد شعبها، وتظل تردد هذا حتى يأذن الله بزوالها – حدث هذا في كل نظام أنهار أمام مطالب الشعوب، وهي بغباء شديد لاتدرك القادم، فما ضحى شعب بدماء أفراده إلا واستمر في انتفاضته حتى تتحقق مطالبه، ولكن الأمر الشديد الغرابة، أن يتلون مثقفون يدعون نصرة الشعوب المظلومة، فيكيلون بمكيالين، يؤيدون شعوباً سعت إلى الحرية، كما في مصر وتونس واليمن، وينقسمون حول الموقف من الشعب السوري الذي يواجه قمعاً شديداً لامثيل له، ويتحدث بعضهم بلسان النظام المستبد الذي يقمع هذا الشعب، حتى لو لم يجدوا ما يؤيدون به هذا النظام سوى التلويح بفزاعة الإخوان المسلمين أو الإسلاميين بصفة عامة، وهم يدركون أن هؤلاء جزء من هذا الشعب الكريم لا كله، ومن يؤمن بالحرية والديمقراطية لايستثني أحداً، ويحب أن يعترف بحق هؤلاء في المشاركة السياسية إذا سقط هذا النظام الظالم، وهم لم يصلوا من قبل إلى سدة الحكم في أي من بلداننا العربية، والحكم عليهم إنما يعود إلى اقصاء، لا لأن لهم مواقف ضد الحرية أو الديمقراطية، وهذا اللون من المواقف المتناقضة هو ما يضعف موقف هؤلاء المثقفين التي ستحاسبهم عليها الشعوب المظلومة، فهل هم يدركون هذا هو ما أرجو والله ولي التوفيق.