دوماً، إن أي حكومة تضع خططها للنهوض مثلاً باقتصاد البلد الذي تحكمه هي في أمس الحاجة إلى تعاون مواطنيها لتنجح تلك الخطط، وإلا فإنها مهما جوّدت خططها ولم يعاونها المواطنون على سلامة تنفيذها، فلن تُؤتي ثمارها كما خُطّط لها، فالمفترض أن كل خطط الحكومات تستهدف مصالح المواطنين، وواجبهم معاونتها على إنجاح هذه الخطط، ولكن لمّا تُعْرِض الحكومات عن أن تُبلغ مواطنيها بمفرداتِ خططها كاملة، ولا تخفى عنهم منها شيئاً، حتى ولو كانت هذه الخطط فيها شيء من الصعوبة عليهم لظروفٍ طارئة، فإن الإخفاء ولاشك يجعل المواطنين في وادٍ؛ والعاملين على تنفيذ هذه الخطط في وادٍ آخر، لذا كانت الشفافية لسياسات الدول الداخلية مبدأ هام لاستقرار الدول، ولتكاتف المواطنين مع حكوماتهم، وحتى تُنفَّذ هذه السياسات دون إحساس منهم بالتهميش. ولعل النموذج الديمقراطي الغربي في هذا المجال صالح حتى اليوم للاستدلال به على هذا، فقَلَّ أن تجد لدى الحكومات الغربية رغبة في إخفاء أي شيء من خططها الوطنية عن مواطنيها، ولو كان في هذه الخطط ما يُحمِّلهم أحياناً بعض الأعباء، وهم في الغالب يُعاونوها على تنفيذها إذا شرحت لهم باستفاضة، وأدركوا أن ما تحملهم إياه ضرورة لصالح الوطن والمواطنين في الظروف الراهنة، ويُعاب على الحكومات العربية -في الغالب- أنها لا تعرض على مواطنيها خططها المستقبلية، ولا تناقشها معهم قبل اتخاذ قرار بتطبيقها، فيفاجأ المواطنون بها عند التنفيذ وكأنها هبطت عليهم من أعلى دون أن يكون لديهم استعداد لها، وطبعا الدول العربية تتفاوت في هذا، فقد يفصح بعضها عن خططها وتشرحها للمواطنين، وبعضها لا تفعل ذلك، أو تفصح عن البعض منها، وتخفي البعض الآخر، مما يتسبب في مشكلات لهذه الخطط أو فشلها، لعدم تعاون المواطنين في التنفيذ الناتج في الغالب عن جهل تام بهذه الخطط وتلك السياسات، مع أنه بقليل من الجهد يمكن لأي حكومة أن تكسب جهود مواطنيها لإنجاح خططها وسياساتها بأقل جهد ممكن، ففي إعلام مواطنيها بخططها، وبذل جهد بسيط لإقناعهم بجدواها، يساعد على إنجاح تلك الخطط، فهي طريقة مجرَّبة ومعهودة، تضفي على خطط الحكومات مشروعيتها، فمهما كانت هذه الخطط فيها ما يحمل المواطنين جهداً أكثر، أو أعباءً إضافية على أعبائهم، وجدتهم يُسارعون في تحمل هذا برضى، لأنهم لا يريدون لوطنهم إلا السلامة والأمن والاستقرار، وإنما تعود القضية لحسن فهم من الجميع لما يحتاجه الوطن من جهدٍ، خاصة في الظروف المتغيرة، والتي تفرض أحياناً على الجميع تحمُّل صعوبات، فهل تدرك الحكومات العربية هذا؟ هو ما نرجو.. والله ولي التوفيق.