الناظر اليوم لدول الربيع العربي، والتي بلغ فيها تأثيره أقصى مداه، فسقطت فيها حكوماتها، معظمها اليوم لا تجد حلاً يعيد إليها الاستقرار الكامل، وحتى ما كان الربيع المزعوم المخطط له أن يُحقِّقه لشعوب تلك الدول من ديمقراطية مزعومة، لم يتحقق أبداً، والظن أنه لن يتحقق أبداً، فهذه سوريا تعيش حرباً لا هوادة فيها على مدى سبع سنين أو أكثر، دخلت إليها جماعات إرهاب متنوعة، ودول كثيرة تبحث عن موطئ قدم لها في منطقتنا العربية، كالروس، فهي من الدول المتعطشة لموطئ قدم في الشرق العربي منذ كانت امبراطورية قيصرية، وحتى أصبحت اليوم وريثة للاتحاد السوفيتي، ولم تجد الفرصة سانحة إلا حينما حدثت الثورة السورية، التي ظنت دول من الغرب أنها تحميها، فدخلت روسيا لتعين حاكمها الظالم على البقاء حاكماً لها، حتى ولو لم يبق بيده منها إلا شريط ساحلي فيه المدينة التي وُلد فيها، وها هي السنوات تمضي ولم يستطع الروس أن يعيدوا سوريا لحاكمها، وأنا على يقين أنهم لن يستطيعوا ذلك أبداً. وها هي العراق لم تستقر بعد، وقد مضت سنوات على دخول جيوش الولايات المتحدة إليها، ومحاكمة صدام حسين وإعدامه في ليلة عيد لم يراعَ لها قدسيتها فهو عيد ديني لأهله، وخرجت الولايات المتحدة من العراق ظاهرياً، وهي تحكمه من الداخل سنوات وسنوات، وحتى إيران وجدت في الربيع العربي أو ما سمي كذلك، الفرصة سانحة لتحقق آمالها القديمة في الدخول إلى عواصم عربية متعددة كانت ولا تزال تحلم في أن تحكمها، وتظن أن ما تصرفه من أموال الشعب الإيراني على حروب في تلك الدول وعواصمها سيحقق لها الآمال المستحيلة، بينما ستؤوب كل آمالها إلى خيبات لتؤسس لسقوط مدوٍ للحكم في إيران قريباً، وكل ما أسسته من جماعات أرادت بها أن تحقق لها أطماعها، اليوم تتهاوى، وحتماً لا تستطيع أن تحقق لها شيئاً يذكر. والدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية أول المتدخلين في منطقتنا العربية، لم يتحقق لها مما تسعى إليه شيء مهم، وحتى تأكيد وجود إسرائيل في منطقتنا لن يتحقق، وستظل الجسم الغريب، الذي ستُنتَهز الفرصة لضربه باستمرار حتى يعاد سكانه إلى البلدان التي جاؤوا منها، فبالمظالم لا يتحقق شيء مهما بذل الظالمون من جهود، فالنتيجة الحتمية سقوط الظلم وتهاويه، فالله قد وعد بالعدل وسيتحقَّق ولاشك.