لاشك أن الكذب لا يقود إلى خير أبداً، فهو شر في حد ذاته، ومن اعتاده قد لا يستطيع التخلُّص منه أبداً، وإذا استمرأه أصبح من أهله، وهو لصيق بسلوكه، فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه فيما رواه البخاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر ليهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكون صديقاً، وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يُكتب عند الله كذاباً)، وحتماً من كُتب عند الله كذاباً ويبالغ في الكذب، لا يمكنه أن ينتصر على عدوه بالكذب، وقد قال الناس بفطرتهم: «إن الكذب حبله قصير»، أي أنه مهما سُبِكَ فإنه لاشك ينكشف قريباً، فيعلم الناس أن صاحبه لا يقول صدقاً ولا حقاً، وبالتالي تسقط كل حججه التي يبديها كذباً وزوراً، ففي أي قصة يحكيها الكذاب للإضرار بأحد فرداً أو جماعة أو دولة، فإنه مهزوم لا محالة. وإيماننا بديننا وبما قاله رسولنا العظيم صلى الله عليه وسلم يجعلنا نعتقد يقيناً أن كل كاذب سينكشف ويسقط من أعين الناس جميعاً، ويظهر سوء تصرفه وخلقه السيئ، وأن الله سيهزمه الهزيمة التي لا يمكنه بعدها أن ينتصر أبداً، وأكبر مثال لذلك، المنافقون في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد استعانوا باليهود، وما تركوا نقصاً إلا وحاولوا أن يلصقوه بالمسلمين وبسيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكُشفوا للناس وتدهورت أحوالهم، وكان النصر عليهم لأهل الحق، للرسول عليه الصلاة والسلام ومن آمنوا به.
وهؤلاء الذين ما تركوا من الكذب شيئاً إلا ونسبوه لدولتنا، منذ بداية قضية الأستاذ جمال خاشقجي -يرحمه الله-، والتي لم تنتهِ إجراءاتها القضائية بعد، يجعلوننا نجزم دائما أن الكذب حبله قصير وسوف نرى هؤلاء الكاذبين يتقدَّمون يوماً بعد يوم إلى هزيمةٍ نكراء، حيث ينكشف ما خططوا من السوء لنا، وسنرى هزيمتهم بإذن الله تقضي عليهم، وإنا لمنتظرون بإذن الله، ولن يضرونا شيئاً، فالكاذب يقول عنه ربنا: (ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً)، فالكاذبون ظالمون، والظالم لا ينصره الله أبداً، والعدل أن ينتصر من لم يكذب، وهذه الأرض الطيبة التي ضمت أقدس بقاع الدنيا، التي جعلها الله موطناً لدينه وكتابه وبيته ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم إمام الخير الصادق الأمين، هي البلد الذي سينصره الله، ويهزم أعداءه بإذن الله تعالى، ونحن على يقين من ذلك.