من أهم صفات المنافق الكذب، والمنافق هو مَن يُظهر الإيمان ويخفي الكفر الذي يبطنه، وهو كذب في الحقيقة، فهو على عقيدة مغايرة لعقيدة الإسلام لكنه يخفيها، ويُظهر الإيمان بالإسلام إذا اجتمع بالمسلمين، فإذا انفرد عنهم فهو على دينه الباطل، وقد يكون له مماثلون يعيشون معه فيكشف لهم سره، ويتحدث معهم عما يخفيه وما يعده للمسلمين، لهذا، فالله عز وجل نهى عن الكذب فقال تبارك وتعالى: (وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ)، وقال: (وَيَوْمَ القِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وَجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ)، وقال سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا، وعليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا)، والمسلم المؤمن بربه زعيم بأن يتمسك بالصدق وإن ضرّه، ويترك الكذب وإن نفعه، فالكذب صفة لصيقة بأهل النفاق في صفة من أربع صفات للمنافق: إذا تحدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر، وكان المنافق في الزمن الأول يخفي نفاقه، فلا يأتي من هذه الصفات ظاهرًا، لخوفه أن ينكشف أمره، ولكن الناس في عصرنا حتى لو لم ينافقوا عقيدة، فهم يأتون من صفات المنافق بعضها أو كلها، فنحن نقرأ الكذب جهارًا في بعض المقالات في بعض الصحف وتقاريرها، بل وفي بعض ما تنشره بعض وسائل الإعلام من أخبار، بل قد يكون الكذب سمة للإعلام العالمي، وبعض الساسة في جل دول العالم يكذبون، ويظنون أن هذا قد يؤدي بسياستهم للنجاح، وبعض نخبنا العربية قد استوطن صدورها الكذب، تسمعه منهم جهارًا، وتجري به أقلامهم في مناسبات كثيرة، حتى كاد الناس يفتقدون الصدق في مجتمعاتهم، ويشعرون أن الكذب قد شاع في المجتمعات حتى أفسد حياتهم، ولم ينجح التعليم ولا المصلحون في القضاء على هذه الحال، التي أضرّت بالمجتمعات في العصر الحديث، وغيبت عنها الحقائق حتى أصبح الوصول إليها أمرًا صعبًا للغاية، وانتشر الزور وسهل التزوير وأصبح الناس يخشون على حقوقهم، وأن يُظلموا بسبب شيوع الكذب، وما يلحق به من صفات النفاق.
أصلح الله أحوال الناس وأبعدهم عن ذلك.. إنه ولي ذلك والقادر عليه.