إن ما تمر به البلاد من خطواتٍ كبيرة للإصلاح الاقتصادي؛ يُوجب على الجميع أن يقفوا صفًا واحدًا لدعم هذه الإصلاحات، وإن أحسّوا حينًا بما قد ينتج عنها من إجهادٍ لهم؛ حينما قد تتدنَّى دخولهم إلى حدٍّ ما، ولكن إنقاذ الوطن يُلزم كل مُخلص أن يتحمَّل في سبيل ذلك بعضًا من ألم، ولكن أن تصل محاولات الترشيد من قبل مستشفياتنا ألا يجد المرضى ممن ابتلاهم الله بأمراضٍ خطيرة تحتاج إلى علاجات ثمنها مرتفع جدًا، لا يستطيعه متوسطو الدخل، ألا يجدوا أدوية مرتفعة الثمن في مستشفياتنا العامة والمتخصصة والتابعة لإدارات مختلفة، كان يلجأ إليها الناس عندما تضيق بهم الأحوال لعلاج مرضاهم، فلا يجد فيها الناس من الأدوية إلا ما رخص ثمنه، وأما ما غلا ثمنه منها وإن كانت الحاجة ماسة إليه لعلاج أمراض خطيرة وبعضها مزمن، ومنها أمراض ذات آلام مبرحة، وأدويتها في الغالب مرتفعة الثمن، وتذهب جهود أهل المريض سدى وهم يبحثون عن الدواء لمريضهم، وأضرب المثل هنا بكبار السن الذين يعانون من آلامٍ في المفاصل خاصة في الركبتين، ويحتاجون إلى حقن زيت يحقنها الطبيب في الركبة لتُخفِّف آلامه حينًا، وكانت تصرفها المستشفيات لمرضاها، واليوم يصفها الطبيب للمريض فلا يجدها في عامة المستشفيات، تابعة لوزارة الصحة أو الجيش أو الحرس الوطني، فإذا ذهب ليشتريها وجد أن ثمنها باهظ لا يحتملها دخله، ويبقى أهله في حرج مما يعانيه من آلام، وقد يدفعهم ذلك للاستغناء عن بعض حاجاتهم الضرورية ليحضروها له لينعم أيامًا بدون ألم، وكثير من المرضى ممن قل دخلهم من الفقراء لا يستطيعون حتى هذا، ومثل هذا كثير، فالأمراض الخطيرة والمزمنة في عصرنا هذا لا يحصيها الحصر، والبشر معرضون لها، وثقوا سادتي أن التبرع وحده لا يمكنه القضاء على هكذا مشكلات، والعزة والكرامة أن يجد المريض العلاج لا يمنّه عليه أحد، يأخذه من مستشفى تديره الدولة، وأنشأته من أجله ومن أجل أمثاله، فينعم بالًا، ويعرف أنه لن يضام في وطنه، وإني لواثق أن هذه الفئة من الناس ستحظى بالاهتمام في وطننا الكريم، حتى في هذا الظرف التي تعيشه بلادنا، وأنها ستجد من الدولة الرعاية حتى لا تضطرها الظروف إلى أن تمد يدها لتأخذ إحسانًا تزيل به ألمًا من آلامها.. وفقنا الله جميعًا لما يُحبه ويرضاه.
شاهد أيضاً
إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس
الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …