موقع الشيخ عبدالله فراج الشريف تربوي سابق وكاتب متخصص
مقالات مشابهة
ظل المسلمون منذ أن ظن أعداؤهم أنهم قد أقصوهم عن التأثير في حضارة العالم، يؤدون أدوارًا مهمة في هذا العالم عبر دينهم، دون أن يقيموا حربًا أو يغزوا أممًا، بل هم وبأفراد قلائل استطاعوا أن يقدموا للعالم صورًا من الحضارة، وبأفراد آخرين استطاعوا أن يضربوا المُثل الراقية للإنسانية، فانتشر منهم علماء في شتى أرجاء العالم يضربون المثل للبشر بطيب الأخلاق، ونماذج من المعرفة الإنسانية الحقة، التي ترفع عن البشر القيود والأغلال، مرة بالدعوة إلى الله التي هي دعوة للحرية، فإن أهم الأغلال التي تقيد الإنسان أن يظل خاضعًا لغيره من البشر، يأتمر بأمره وينتهي بنهيه، يظل دومًا عبدًا له، فإذا آمن بالله سقطت عنه قيود البشر وأصبح حرًا، لا سلطان لأحد عليه سوى ربه الذي خلقه، وهذه هي عقيدة الإسلام، التي ترفع عن الناس سائر القيود، ولا تبقي لأحد سلطًانًا عليهم إلا سلطان من خلقهم، والذي سلطانه بحقٍ هو لنفعهم يمدهم بالحرية المثلى، فلا يخضعون لأحد أبدًا، وأما خضوعهم لمن خلقهم فهو الخضوع الأمثل، الذي يجعلهم إليه أقرب، فيمدهم بكل ما يرفع عنهم الإصر والأغلال، ذلك الامتثال بالطاعة يجعل الإنسان يأخذ من هذه الدنيا أفضل ما فيها، ويتجنب شرورها، فهو الأمثل حينئذ لا الدنيا التي تغره بما فيها من الشهوات، ولا هو يتركها كلية، فهي مزرعته للآخرة، فالإيمان بتوحيد الله نور، يهدي الإنسان لخيره في الدنيا والآخرة، لذلك قلنا أن توحيد الله حرية لا مثيل لها، تجعله في أرقي أبواب الحرية وأمثلها، وهي أبسط القواعد لإقامة حياة مثلى لا يخضع لسوى الله، فإذا لم يخضع لسواه فهو في منتهى الحرية التي تجعله دومًا بعيدًا عن القيود التي تمنعه من الخير
، والعبادة لله وحده هي أمثل أنواع الحرية لمن أراد أن يكون حرًا مثاليًا، وكل الحريات ما سواها قيود تمنعه أن يفعل ما يرتفع به عن سوءات البشر، وصفاتهم الدنيئة.
فلنكن عبادًا لله طائعين له لنكون أحرارًا مثاليين فتكون حريتنا الحرية المثالية التي حتمًا سيعجب بها الناس ويكونون لنا أتباعًا بها فنكسب الدنيا والآخرة بخير مثال وأفضله للحريات أجمع.
