منذ تأسيس المملكة العربية السعودية وهي دولة تعتز بثقافتها ودينها وعلاقاتها الإنسانية بالآخرين، تربأ بنفسها أن تتدخل في شؤون الدول الأخرى، وتقيم علاقاتها معهم على الندية وبعيدًا عن أن يتسلط عليها أحد أو تتسلط عليه، ونشأت لها علاقات مع جميع دول العالم، ولم نجد يومًا أن دولة من الدول شكَت أن المملكة حاولت في يوم من الأيام التدخل في شؤونها، بل ظلت باستمرار تعاني من تدخل الآخرين في شأنها، إما عن جهل بما يجري على أرضها، وعلى معاملاتها الدولية، أو عن قصد ظنًا أن التدخل في شأنها قد يجعله يربح منها مالًا أو عقدًا وهو ما لا يكون أبدًا، فدفعُ الأذى عن الدول له أساليب عالمية معروفة، ليس من بينها أن تدفع لمن يؤذي ثمنًا ليكف إيذاءه عن أحد.
وكل الدول التي حاولت إيذاء بلادنا والتدخل في شأنها باءت محاولاتها بالفشل، إلا أن هذا الأسلوب قد اختبره العالم، وعلم أنه لا يعود بالضرر إلا على الدولة التي اختارته، فهو في النهاية يوقع بها عظيم الضرر، ما دام لا أسلوب لها سواه. وقد زالت دول لأنها ظلت تنتهج هذا الأسلوب على مر الزمان، وكم دولة سقطت لأن سياستها دومًا إيذاء الآخرين ليسلموا لها بالسيطرة عليهم، فردوا عليها الصاع صاعين، ولم تستطع الوصول إلى مرادها. والعالم كله اليوم لا يرضى بأن تدعي دولة منه تميزها على الدول الأخرى، بالقول إنها تحمي حقوق الإنسان وحرياته، رغم أن في أرضها الكثير من المظالم للإنسان يشيع خبرها في العالم كله، وتدعي هي أنها تحمي حقوق الإنسان.
فأن تكون حقوق الإنسان شعاراً لكل الدول الطامعة في ثروات الأمم، فهو ما قد يعود على الحقوق ذاتها بالضرر، وكل الدول التي توجه إلينا خطابًا مغلوطًا بأننا ننتهك حقوق الإنسان تضطرنا إلى كشف الغطاء عن مظالمها للبشر قديمًا وحديثًا، وأن نعاملها بنفس المعاملة، وأن نخرج التقارير عن سوء معاملتها للإنسان مواطنًا أو زائرًا.
وعلى جمعيات حقوق الإنسان أن تبدأ بالدولة الموجودة فيها فتكشف عن حقوق الإنسان في أوطانها قبل أن تتهم الدول الأخرى، وإلا وجدت ما يسوؤها بسبب أساليبها السيئة في محاربة الدول بالأجر عن طريق اتهامها بانتهاك حقوق الإنسان.