(الوثائق والمعلومات السرية)

إن نظام حرية تبادل المعلومات في العالم كله يتيح للمواطن الاطلاع على كل المعلومات المتصلة بحياته ويحق له أن يطلع على كل الوثائق التي تصدرها في كافة المجالات وفي علاقاتها مع الدول الأخرى مما تنعكس على مصالح المواطنين , ولما كانت القوانين والنظم في الدول الحديثة لا تصدر إلا عن هيئة تشريعية منتخبة اطلق عليها ما تشاء من الاسماء مجلساً نيابياً أو مجلس شورى المهم أن يكون اعضاؤه منتخبون من قبل ابناء الشعب فهم يمثلونهم فلا يصدر عنهم نظام الا وهو يرضي جموع المواطنين وقد يكون الامر يحتاج الى تدريج فيكون نصفه منتخباً والنصف الاخر معيناً لفترة زمنية يسير ليكون بعدها منتخبا بالكامل واذا كانت الحكومات انما تخدم بكل نظام تقترحه جموع المواطنين فلا يعتبر ان من الانظمة ما يكون سرياً واذا افترضنا ان هناك معلومات لا يجب ان يتاح الاطلاع عليها من جميع المواطنين كالخطط العسكرية في حال الحرب أو ما تقوم به الحكومات من اعداد للجيوش وامدادها بالعتاد الحربي, والذي يجب الا يتسرب من المعلومات عنها ما يفيد العدو فحتما تسُّر على البعض دون البعض ممن يجب ان يطلعوا عليها بكونهم عاملين في مجالها, اما ان تكون الامور مبهمة فيعلن عن عقوبات لمن افشى المعلومات السرية دون ان يعرف الناس ما هي تلك المعلومات وما هو معيار كونها سرية فأرى أنه لون من التبرير لاخفاء كثير من المعلومات باعتبارها معلومات سرية وهي ليست كذلك واتذكر انه عند دراستي مع زملاء لي في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بمكة في مرحلة ما بعد الشهادة الجامعية ولاننا كنا نعد رسائل في الاقتصاد الاسلامي وفي موضوعاتنا “الاصدار النقدي” ونظامه المعمول به في المملكة فذهبنا الى مؤسسة النقد العربي السعودي وطلبنا انظمتها خاصة النظام النقدي وكانت المفاجأة ان هذا النظام سري رغم اننا كنا ندرس انظمة اصدار النقد في عدد من دول العالم وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية التي يراها البعض النموذج في الاقتصاد وحاولنا ان نقنع الموظف الذي تعامل معنا وكنا قد حضرنا إلى الؤسسة مشفوعين بخطاب من الكلية ورجاء, ودون جدوى,فلما شعر أن موقفه ضعيف طلب منا ان يبلغ رئيسه فغاب وقتاً ثم عاد ليقول : سنسلمكم النظام بشرط ان تكتبوا تعهداً ألا ينشر منه شيء فقلنا اننا نعد رسائل جامعية واذا عرضناه فيها فقد نشرناه, وهو منشور فعلا عند صدوره في الجريدة الرسمية وواضعه اجنبي لاشك انه مطلع عليه فأين السرية ولكن لم يقنع كل هذا الموظف العتيد, فقررنا ألا ندرسه ولكنا بعد ذلك وجدناه منشوراً في احدى المكتبات العالمية التي تعني بالوثائق,فخففوا سادتي قيودكم على المعلومات فلم يعد يزعم الاحتفاظ بها بعيداً عن العيون واطلعوا المواطن عليها إذا طلب ذلك فهو حقه فهل تفقهون ذلك هو ما أرجو والله ولي التوفيق.

عن عبدالله فراج الشريف

تربوي سابق وكاتب متخصص في العلوم الشرعية كلمة الحق غايتي والاصلاح أمنيتي.

شاهد أيضاً

صورة مقالات صحيفة المدينة | موقع الشريف عبدالله فراج

إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس

الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: