إن الوطن الذي نحيا فيه -بحمد الله- عظيم الثروات، له من الأبناء عظيمي القدرة على الدفاع عنه، والعمل من أجل رقيه وتقدمه، ويبذلون في كل حين من الجهد ما يمنع عنه كل ما يُخطِّط له الأعداء، سواء من داخله أو خارجه. هم استطاعوا النهوض به، وهو صحراء قاحلة لم يُكشف من ثرواته شيء، فلما تعرض للعدوان نصروه وهم قلة، لا يمتلكون من أدوات صد العدوان إلا القليل من العدد والعدة، ولكنهم كانوا له محبين، فعصموه من كل خيانة وغدر، وردوا العدوان عنه بكل صنوفه، وهم الذين حملوا دعوة دين الإسلام حينما بُعث بها سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أرض وطننا، فكان الرجال الأشداء أجدادنا دعاته الأقوياء، بلَّغوا عنه أقاصي أرجاء الأرض دون وهنٍ أو خوف، وبنوا للإسلام دولة عظمى، سادت لها الدنيا على مدى قرون، دان لهم معظم العالم المعمور، وما وهنوا أو ضعفوا، ولن يكونوا اليوم أقل قوة، بل سيكونون أشد قدرة وأكثر شجاعة على بناء دولتهم؛ التي بإذن الله لن تُقهر أبداً. وعلى كل من تُسوِّل له نفسه، من قريبٍ أو بعيد؛ أنه يستطيع الاعتداء عليها، أو ينتصر عليها حِسًّا أو معنى، أن يعلم أنه سيجد منَّا أشد المقاومة، حتى نردّه على أعقابه، ونُشتِّت شمله، كما فعلنا بأسلاف أعدائنا، حتَّى أصبحوا عبرةً للناس على مدى قرون. ونحن لا نتوقف أيضاً عن بناء هذا الوطن، ليكون أقوى وأرقى دولة، تصمد في وجهِ كل معتدٍ أثيم، من أي وجهةٍ جاء، فنحن الذين رددنا الأعداء على أعقابهم في كل زمانٍ وحين، فما كانت للعدوان علينا دولة ولا إمبراطورية كبرى، كما ظنّوا أنفسهم، ثم ظنّوا أنهم قادرون على الانتصار علينا؛ بما يملكون من عددٍ وعدّة. وما غزا بلادنا أقوياء؛ إلا ورددناهم بفضلٍ من الله على أعقابهم إلى أرضهم ضعفاء مهزومين، وعمَّا قليل سقطت دولتهم ولم يعد لها كلمة. ونحن اليوم أقدر من ذلك الزمان وأقوى بفضل الله وكرمه، قادرون على أن نصد كل عدو مثلهم أو أقوى منهم، ليبقى هذا الوطن الصرح الذي لا ولن تطأه قدم معتدٍ أثيم.
Check Also
إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس
الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …