حينما رأيت وزيرة خارجية تقف بجانب مراهقة لم يتجاوز عمرها ثماني عشرة سنة، تدعي الانتصار لها من أسرتها التي تعيش في بلد آخر، مما ليس هو معهود في أي بلد من بلدان العالم من قبل، علمت أن بين دول العالم من فقدت الإدارات فيها الاتجاه الصحيح للعلاقات بين الدول، ولم ولن نسمع قط أن وزيرة خارجية لدولة أجنبية تنتفض من أجل مراهقة تشكو أسرتها في دولة أخرى، بل وتمنحها اللجوء السياسي لها، في تجاهل تام لنوع هذه القضية، التي ظاهرها كما تدعي المراهقة سوء تفاهم بين هذه المراهقة وبين أسرتها التي تعيش في بلد آخر يبعد عن البلد الذي انتفضت وزيرة خارجيته لتحقق كما زعمت لهذه المراهقة العدل!، فتمنحها حق اللجوء السياسي في وطنها، وتبحث في كل الأعراف السياسية والدبلوماسية عن مثال أو نموذج لهذا التصرف، فلا تجد له مثيلاً في كل أرجاء هذا العالم، وكأن ما يحكم موقف هذه الوزيرة علاقة خاصة بتلك المراهقة، أو أن لها عداء لأسرتها وجَّهها لمثل هذا الموقف، فالموقف كله لا مثيل له في تاريخ العلاقات الدولية بين الدول، ولا بين وزارة الخارجية في تلك الدولة وبين أسرة تلك المراهقة أو غيرها من الأسر، هي علاقة وليدة لا نموذج يشبهها في علاقة وزيرة الخارجية هذه وبين أسرة هذه الفتاة، أو لأن لها علاقة خاصة تربطها بها. وإذا كانت أسرة هذه الفتاة قد ظلمتها كما ادّعت، فهل تقدمت بشكوى ضدها في وطنها ولم تُنصف منها، أم أنها عرفت أنها إن أثارت قضيتها في دولة تلك الوزيرة، ستجد وقوفاً بجانبها -كما حصل- مخالفاً لكل الأعراف القانونية والدبلوماسية والسياسية، وأن تحظى بقبول لجوء إلى دولة تلك الوزيرة، ولعله هو ما تسعى إليه، خاصة وأنها أعلنت أنها ستترك دينها أو تلحد، وكأن دولة الوزيرة متخصصة في استقبال كل من يترك دينه من المسلمين. المهم أن القضية كلها غريبة، لا تقوم على أسس معقولة، فليس من حق أي دولة في العالم أن تدّعي أنها ستقف مع كل مراهقة مظلومة من أسرتها في هذا العالم الفسيح وتستقبلها لاجئة سياسية، ولو هناك دولة أعلنت مثل هذا فلن تلاحق الاستجابة لطالبي اللجوء لهذا السبب، الذين سيتكاثرون ويقدمون إليها طلبات اللجوء التي ستبلغ أعداداً كبيرة، فالذين يتركون أوطانهم لأقل الأسباب وأتفهها لا يحصيهم الحصر.
معلومات التواصل:
ص.ب: 35485 جدة 21488
فاكس: 6407043
إيميل: [email protected]