تدهور الأخلاق وصحافة آخر الزمان

حينما عرف هذا العالم الصحافة، كانت وسيلة لكشف كل الأعمال الرديئة المضرَّة بالإنسانيَّة، تكشف زيف الأقوال والأفعال، وتكشف الأخطاء الكبيرة التي ترتكبها الحكومات والأفراد، وتسعى إلى إصلاح المجتمعات، ثمَّ أخذت تتطوَّر على مرِّ الزمان حتَّى وجدنا صحفًا قويَّةً تُسْقِط حكوماتٍ إذا انحرفت، وتكشف زعماء إذا ارتكبوا في حقِّ شعوبهم الأخطاء الفادحة، وكان يعاونها على ذلك في الغرب دساتير وقوانين مرعيَّة، ومع الزمن بدأ الأمر ينحرف بالصحافة، وباسم حرية التعبير أيضًا، فظهرت صحف تتخصَّص في نشر الفضائح، فإن لم تجدها فَبْرَكَتْهَا، ورأينا ما صنعت هذه الصحف في الغرب من كوارث، ثم وجدنا الأحزاب السياسيَّة تنشئ صحفًا لها تدافع عنها، وتدعو إلى الانتساب إليها، ورأينا أحزابًا كُبرَى لا تكتفي بما أنشأت من صحفٍ، ولكنَّها أيضًا تشتري ذمم صحفيين، وكتَّابًا يزيفون الحقائق ويدعون إليها، وإن غمرها الفساد، ولا نزال كل يوم نكتشف أنَّ الإعلام كله، لا الصحف وحدها يُجنَّد أحيانًا لخدمة الفاسدين، واليوم نستمع إلى برامج تلفزيونيَّة تبثُّ برامج لخدمة فاسدين في شتَّى بقاع العالم، ولأنَّ العرب قوم قلَّدوا غيرهم في هذا المجال، فقد انتقل إليهم من هذه العيوب الكثير، والمتتبِّع لصحافتهم وإعلامهم يدرك هذا بكلِّ سهولة، إذا كان جيَّد المتابعة، وقارئًا جيدًا لما يُكتب، وكم قرأنا من معلومات مرصوفة، وتبينَّا بعد أيام قليلة أنَّها زائفة، بل لقد قرأنا أخبارًا نشرتها صحف، ووسائل إعلام مشهورة، كان الناس يثقون بها كلَّ الثقة، فإذا هي مفبركة، المراد منها تضليل الناس، ولا نزال كل يوم نكتشف مثل هذا، وقلَّ أن نجدَ مَن يتتبَّعه ويكشفه للنَّاس احترامًا للحقِّ والحقيقة، وطبعًا إذا فسدت الوسيلة فسدَ المجتمعُ الذي تخاطبه، وتعوَّد ما عوَّدته عليه، وكم من قضية أفردت لها صحف العالم الصفحات، وتناقلت أخبارها وسائل الإعلام عبر العالم، ثمَّ اكتُشف أنَّها لم تحدث أصلاً، وكثير من الشعوب شرقًا وغربًا قد جرَّبت هذا، وعرفت له أمثلةً واضحةً ظاهرةً، ولكنَّها -وللأسف- لم تغيِّر شيئًا، وظل الأمرُ على ما هو عليه، ولو أنَّ تلك الشعوب كشفت الزيف، وامتنعت عن قبوله، واحتقرت صانعيه؛ لاختفى من هذا العالم، ولكن عدم وقوع هذا قد زاد في انتشار الزيف، وخداع البسطاء عبر العالم، واليوم في بعض الصحف العربيَّة مثل هذا وأكثر، حيث نرى أنَّ استخدام أساليب من الزيف والتزييف لا حصر لها، خاصَّة عندما يكون بين الدول اختلافٌ، ولو كان تافهًا، فتصيُّد الكلمات المسيئة أصبحت عند البعض من صحفيي العرب عادةً، ولعلَّنا نرى له إصلاحًا خدمةً للشعوب، والله ولي التوفيق.

About عبدالله فراج الشريف

تربوي سابق وكاتب متخصص في العلوم الشرعية كلمة الحق غايتي والاصلاح أمنيتي.

Check Also

صورة مقالات صحيفة المدينة | موقع الشريف عبدالله فراج

إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس

الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: